‏إظهار الرسائل ذات التسميات شعر عبري. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات شعر عبري. إظهار كافة الرسائل

آچي مشعول || كان الطقس متواضعًا

آچي مشعول || 

كان الطقس متواضعًا 


كَانَ الطَّقْسُ مُتَواضِعًا:
مُوَظَّفَةُ مَكْتَبِ االدَّاخِلِيَّةِ قَدَّمَتْ لِي
شَهَادَتَكِ النِّهائِيَّةَ. أَنْتِ ٱلَّتِى
لَمْ تَكُنْ لَدَيْكِ شَهادَةٌ أَبَدًا
حَظِيتِ فَجْأَةً بِشَهادَةِ وَفاةٍ
جَمِيلَةٍ، مَع شِعارِ الدَّوْلَةِ
كَما لَوْ أَنَّكِ ٱمْتَزْتِ جِدًّا بِأَمْرٍ ما
وَأَنْجَزْتِ كُلَّ المُتَطَلَّباتِ.

لَقَدْ سَأَلَتْ إِنْ كُنْتُ أُرِيدُ تَحْدِيثَ
(كَذا قالَتْ) شَهادَةِ وَفاةِ أَبِي،
بَعْدَئِذٍ وَضَعَتْهُما واحِدَةً بِجانِبِ الأُخْرَى
كَشَاهِدَيْنِ تَوْأَمَيْنِ
وَكَبَسَتْ عَلَى جَرَسٍ كَهْرَبائِيٍّ.

نَزَلْتُ إلَى الشَّارِعِ وَواصَلْتُ الخَطْوَ
مِثْلَ بِنْتٍ
صَغِيرَةٍ
تُمْسِكُ يَدَيْ والِدَيْنِ مِنْ وَرَقٍ
يُخَشْخِشانِ فِي الرِّيحِ.

ترجمة: سلمان مصالحة

אגי משעול, הטקס היה צנוע - תרגם: סלמאן מצאלחה 
 *

الأصل العبري


إليشيڤاع چرينباوم || الأول من سپتمبر

إليشيڤاع چرينباوم ||

الأول من سپتمبر


مِلْيُونُ وَلَدٍ يَذْهَبُونَ اليَوْمَ إلَى المَدْرَسَةِ
وَواحِدٌ مِنْهُمْ يُمْسِكُ بِيَدِي.

رائِحَةُ دَفاتِرَ وَشَنْطَةِ جِلْدٍ جَدِيدَةٍ تَفُوحُ مِنْهُ
انْفِعالٌ يَعْلُو مِنْ شَعْرِهِ المَغْسُولِ.

حَفِيفُ أَحْلامِ الصَّيْفِ الَّتِي انْتَهَتْ مَدْسُوسٌ
بِدَعَساتِ صَنْدَلِهِ الصَّغِيرِ.

يَدُكَ الصَّغِيرَةُ، الرَّطْبَةُ، تَضْغَطُ بِشِدَّةٍ عَلَى يَدِي،
عِنْدَما نَدْخُلُ إلَى السَّاحَةِ وَالخَوْفَ المَعْرُوفَ

لِنَبْدَأَ ثانِيَةً مِنَ البِدايَةِ، كُلَّ شَيْءٍ، نَحْنُ الاثْنَيْنِ
مُقابِلَ العالَمِ، لَحْظَةً واحِدَةً أُخْرَى

قَبْلَ أَنْ أَتْرُكَ يَدَكَ، وَتَكُونَ أَنْتَ لِوَحْدِكَ،
رَجُلًا صَغِيرًا مَقْصُوصَ الشَّعْرِ مُقابِلَ العَالَمِ

وَأَنا أُمِيحُ بِنَظَرِي، امْرَأَةً دَخَلَها كَثِيرُونَ
لٰكِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْها أَحَدٌ أبَدًا

وَأَمْضِي. 
*
ترجمة: سلمان مصالحة

من مجموعة: فجأة الأرض، منشورات كرمل يروشلايم 2006 

אלישבע גרינבאום, ״האחד בספטמבר״, לפתע פתאום האדמה, כרמל ירושלים,  2006

داليا رابيكوڤيتش || لكلّ شيء وقت

داليا رابيكوڤيتش ||

لكلّ شيء وقت


الوَلدُ مَضَى مِنْ هُنا
لَنْ يَأْتِي يَوْم السَّبْت.
النَّخْلَةُ تِنْمُو.
عَلَى أَرْبَعِ طَبَقاتِهِ يَجْثُو البَيْت،
يَرَقاتُ ضَوْءٍ تَتَحَرَّكُ بَيْنَ شُقُوقِ الشُّبَّاك
تَأْتِي وَتَخْرُجُ بِلا ضَوْضاء.
الشُّبَّاكُ مُغْلَقٌ، الفِراشُ مَنْفُوشٌ.
بَيْتِي هُو نِصْفٌ وَنِصْفٌ
نِصْفُه مُلَمَّعٌ ثابِتٌ فِي مَكانِهِ
نِصُفُهُ الآخَرُ مُحْتَرِقٌ أَضْحَى كَالفَحْمِ. 
أَشْعُرُ بِالحَمِّ وَبِالْبَرْدِ، أَشْعُرُ بِالبَرْدِ وَبِالحَمّ.
وَمَضَى الوَلَدُ إلَى مِئَةِ عَام
مِئَةُ عامٍ تَبْدَأُ فِي الحاضِرِ
رُبَّما يَعُودُ لِيَوْمٍ أَوْ ساعَةٍ
لٰكِنْ لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْ هٰذا.

ترجمة: سلمان مصالحة

من مجموعة: أم مع ولد، هكيبوتس همؤحاد 1992
 
דליה רביקוביץ, לכל זמן, מתוך: אמא עם ילד, הקיבוץ המאוחד 1992


ناتان زاخ || حين هجرتني فتاتي

ناتان زاخ || 

حين هجرتني فتاتي 


حينَ هَجَرَتْنِي فَتَاتِي،
كَتَبْتُ مَرّةً،
ذَهَبْتُ إلَى المَقْهَى
وَكانَ هُناكَ ثَلاثَةُ ذَواتِ:
طَوِيلٌ، سَمِينٌ وَنَحِيفٌ.
وَلِلسَّمِينِ كانَتْ زَهْرَتانِ حَمْراوانِ عَلَى الصَّدْرِ

آچي مشعول || ثلاث قصائد


ترجمات من العبرية -


آچي مشعول || ثلاث قصائد

كسوف شمس

 
كُنتُ قَمَرًا فِي كُسُوفِ شَمْسٍ
وَلَمْ يَكُنْ لَدَيَّ مِمَّا
أَعْكِسُ مِنْ نُورٍ،

كُنْتُ دُودَةً
تَنْسِجُ خُيُوطَ حَرِيرٍ
لِولادَةٍ هادِئَةٍ لِفَراشَةٍ.

حَبِيبِي هاجَرَ إلَى مَناظِرَ بَكْماءَ
دُونَ حاجَةٍ لِلْقَوْلِ
شُوفِي، شُوفِي،
هُوَ يَسْكُنُ فِي سَفَرٍ 
تَحْتَ جَبْهَةٍ عالِيَةٍ مِنْ سَماءٍ
وفِي أَزِقَّةٍ تَتَشَعَّبُ
مِنَ الشَّريانِ الرَّئِيسِي.

أَنا مُنْغَمِسَةٌ فِي عَدَمِ الشُّغْلِ،
أَمْتَصُّ الأُذُنَ اليُمْنَى
لِبِسْكْوِيتْ دُبٍّ صَغِيرٍ
وَأُنْصِتُ لِوَقْعِ المَطَرِ
الَّذِي يَهْطُلُ عَلَى العالَمِ.

***

اعتراف

 
قَشَّرَ لِي تُفَّاحَةً
بِصُورَةِ لَوْلَبٍ
كانَ أُرْجُوحَةَ خَيالٍ
فِي سِنٍّ رَعَيْتُ فِيها الأَغْنامَ
فِي السَّماءِ.

الأَشْجَارُ أَخْفَتِ البَيْتَ
وَغَطَّتْهُ بِحُلَّةٍ خَضْراءَ.

لَمْ أَكُنْ ”سْنُو-وَايْتْ“
وَالدَّجاجاتُ لَمْ يَكُنَّ أَقْزامًا.

كَانَ السِّكِّينُ حادًّا وَقَصِيرًا،
الرُّكْبَتانِ كانَتَا نَحِيفَتَيْنِ
وَلِلْحَجَرِ الَّذِي غَفَا فِي العُشْبِ
كانَتْ أَوْرِدَةٌ.

***

قبل موته

 
أَبِي، قَبْلَ مَوْتِهِ،
جَلَسَ فَجْأَةً مَذْهُولًا
كَمَنْ يَتَأَهَّبُ لِاسْتِقْبالٍ،
وَلٰكِنَّهُ كَانَ قَدْ دَخَلَ
فِيهِ -
المَوْتَ.
طَلَبَ أَنْ تُفْتَحَ نافِذَةٌ
فِي غُرْفَةٍ بِلا نافِذَةٍ،
وَعَدَ المُمَرّضَةَ بِدُولاراتٍ
لِقاءَ ثِيابِهِ الَّتِي
كانَ يَأْمَلُ أَنْ
يَهْرُبَ فِيها.
بَعْدئذٍ فَرِغَتِ الغُرْفَةُ
وَالنِّيُونُ أَضَاءَ
فَقَطْ لِنَفْسِهِ.

***

ترجمة: سلمان مصالحة



من مجموعة: كيفل (طيّة)، هكيبوتس همؤحاد، 2020

אגי משעול, שלושה שירים, מתוך הקובץ: קפל, הקיבוץ המאוחד, 2020

ناتان زاخ || قصيدة NO نموذجية


من الشعر العبري المعاصر:

 

ناتان زاخ ||

قصيدة NO نموذجية

قالَ الحكيمُ لِي طاي پِهْ
وَهُناكَ مَنْ يَقُولُ لِي طايْ پُهْ:

آچي مشعول || شجاعة

آچي مشعول ||

شجاعة


عِنْدَمَا كُنَّا صَغيرَاتٍ
وَقَفْنَا مُقَهْقِهَاتٍ حَوْلَ بُرَازِ كَلْبٍ
نَتَنَافَسُ بِشَجَاعَةٍ
أَنْ نَلْمَسَ.

الآنَ نَحْنُ نَفْعَلُ ذٰلِكَ
مَعَ ٱلكَلِمَةِ
شَيْخُوخَة.
*
ترجمة سلمان مصالحة

أيضا في الحرب المحقة

 ترجمات عبرية -


حانوخ ليڤين ||

أيضا في الحرب المُحِقَّة


أَنْ أُحارِبَ، لِأَنَّهُ مَا مِنْ مَخْرَجٍ آخَرَ،
هٰذا لا يَجْعَلُ المَوْتَ بِعَيْنِي جَذَّابًا أَكْثَرَ.
وَأَمْرٌ آخَرُ جَلِيٌّ: إنْ لَمْ أَحْيَ أَنَا،
فَلَا أَحَدَ، سَيَفْعَلُ هٰذا لِأَجْلِي.

آچي مشعول || قصائد

 ترجمات من العبرية:

آچي مشعول || قصائد

هاي، كو

حَكيمٌ صِينيٌّ سَمَّسَ:
يَوْمٌ رَبِيعيٌّ
قَرْيَةٌ صَغِيرَةٌ لا أَحَدَ
فِيها يَعْمَلُ أَيَّ شَيْء.

جارُهُ غَرّدَ:
كَمْ هِيَ بارِدَةٌ النَّسْمَةُ
السَّماءُ الفارِغَةُ تَمْتَلِئُ
أَصْواتَ صَنَوْبَرٍ.

لَايْكْ لايْكْ لِكِلَيْهِما
تُصَفِّقُ
حَفِيدَتِي.
*

ذبابة على الحائط

امْرَأَةٌ تَبُدُو لَها أَصابِعُها مِثْلَ أَرْجُلِ
دَجاجَةٍ - نائِمَةٌ الآنَ

كَلاسِينُها مَيِّتَةٌ، مَرْمِيَّةٌ عَلَى كُرْسِيٍّ
وَقِطٌّ عابِرٌ يُشَمْشِمُ وَيَمْضِي
فِي طَرِيقِهِ

الَّذِي وَسَمَها بِالخَاتَمِ، مُنْذُ زَمَنٍ
لا يَهْتَمُّ بِمَسارِات أَرَقِها.
*

هايد پارك شعري

ها هُمْ يَعْتَلُونَ المِنَصَّةَ
زُرافاتٍ زُرافاتٍ مَعْ دِلاءٍ فِي اليَدِ
وَعَلَى أَنْغامِ مُساعِدِ السَّاحِرِ
يَسْكُبُونُ وَيَعُودُونَ فَيَسْكُبُونَ
المِياهَ الَّتِي بِداخِلِها
سَيَغْرَقُونَ

وَها هُوَذَا أيضًا -
پدُوفِيل الشِّعْرِ العَجُوزُ
يُوَزِّعُ مِنْ أَكْياسِ نايْلُون
سَكاكِرَ سُمٍّ
لِشُعَراءَ شُبّانٍ مَفْتُولِي العَضَلَات.
*

جنازة

المَيِّتُ المُنْتَهِي
مُحاطٌ بِمَوْتَى عادِيّينَ
مِنْ صِنْفِ أُولئِكَ الّذِينَ لا حاجَةَ لِمُوارَاتِهِمْ
فَقَطْ سَقَطَتْ عَلَيْهِمْ نَيْمُومَةٌ فِي الحَياةِ
إذَا حَكَوْا لَهَمْ عَنْ شَخْصٍ ما ماتَ
يَسْتَغْرِبُونَ، لِأَنَّهُمْ فَقَط بِالأَمْسِ
رَأَوْهُ حَيًّا.
*

من مجموعة: ”جدول عمل“ (2012)

ترجمة: سلمان مصالحة

_____
אגי משעול, 4 שירים מתוך: סידור עבודה, הקיבוץ המאוחד 2012
ערבית: סלמאן מצאלחה

حانوخ ليڤين || الوالد اشترى جريدة


من الشعر العبري:


حانوخ ليڤين || 

الوالد اشترى جريدة


الوالدُ اشْترَى جَريدَة،
وذَهبَ مَعَها للمِرْحاض،

جَلسَ، قَرَأَ، وفِي هذه الأثناء
بُمْ، طَخْ، ضْراط، مِنَ الوَراء!

مرّتْ ساعَة، ساعتان،
آنَ الوَقْتُ لِلقِيام، آن،
الوالدُ خرجَ أحْمَر اللّون
والجريدَة خَرَجتْ
بُنّيّة الأَلوان.

هذه هي كلّ القصيدة،
ليسَ فِيها أيّ مَغْزَى كان؛
لَقد دَخَلَتْ تاريخَ آدابِنَا
كمادّة مُسْهِلَة للإنْسان.


1978

*
ترجمة عن العبرية: سلمان مصالحة





يتسحاق لاؤور || ثلاث قصائد


  من الشعر العبري:

 

يتسحاق لاؤور || ثلاث قصائد

يتسحاق لاؤور


امرأة ميتة

وَعندئذٍ تَنْتهِي الحَرْبُ، وَنَبْقَى
كَما دَوْمًا، الأحْياءُ، لنَحْكِي
ما تُقَرّرُهُ الدّوْلة في الذاكرة سَيَبْقَى
وما يُؤْخذُ وما يَطويهُ النسيان، إذا
انْتَصَرْنا، وإذا هُزِمْنا، وفي هذا الأوان ”لا
تَمُدَّ يَدَكَ إلى الصّبِيّ“*، يقولُ
المَلاكُ لجاري، الّذي أُرْسلَ آخرُ مَنْ أنْجبَ
مِنْ أَولاد، ابنُ شَيْخُوختِهِ، لإحْضارِ كمامةِ غاز،
أوْ لأَبٍ من إيران، مِهْنتُهُ حَدّاد،
تَأَرْمَل
فِي القَصْفِ الأَوّل.

* إشارة إلى الآية من سفر التكوين، إصحاح 22


ــــــــــــ

ابنة بابل

عندما نَنْتَصرُ، طَبْعًا سيقُولونَ لَنا: شووو...؟
أَلَمْ يَكُنْ ذلكَ جديرًا؟ صَحيح، يُوجدُ قَتْلَى
لكنْ، لَدَيْهم أكْثَر، أَكْثَر بكَثير
رُبّما ليسَ بما يَكْفِي، ومع ذلك مرّةً أخرى
سَلامُنا عَلَى ما يُرام، حيٌّ قام علَى أَنْهارِ
الدّمِ في ”بابل الصّائرة إلَى الخَراب“*، إذَنْ
كَفَى عَويلاً، هَيّا عُودُوا إلى العَمَل
(كَمْ هو مُحَرِّرٌ دَمُ الآخَرين)

* إشارة إلى المزمور 137
ــــــــــــ

رهيبة

وَهاكُمْ سُلوان، لَنْ تَكونَ
أبدًا حَرْبٌ. سُدُولُ ليلٍ
هادئٍ حَلَّ عَلَينا، من بُيوتِ المدينة
تَتَعالَى هَمْهَمةُ مُكَيّفات
وفي المَقابر العَسْكريّة
تَنتظرُ، منذ سنوات، الشّواهدُ
بِهُدوءٍ للصَّرْخَة: لأَجْلِ ماذا؟
(مِنْ هُنا تَتَعالَى حَقًّا الرَّهْبَة.
رهيبة)
*

ترجمها من العبرية: سلمان مصالحة

 
نشرت بالعبرية: ملحق ”ثقافة وأدب“، هآرتس، 25 سبتمبر 2012


آچي مشعول | قصيدتان

آچي مشعول | قصيدتان

النّسر

على الطّريق وَجدتُ
جُثّة نَسْر.

مَخالبُهُ انْقَبَضتْ على بقايا هواء
حاولتْ أن تَتشبّثَ بشيءٍ ما.

من ريشاته المُتحرّكة في الرّيح نَتَفتُ ثلاثًا -
لعبةً للقطّ الجديد.
***

كلب ينبح

كلبٌ ينبحُ في اللّيل
نُباحًا حادًّا يتكوّر ويطولُ،
يُمسي نَحيبًا.
النّحيبُ يمتدُّ إلى القَمر.
الكلبُ النّاحبُ إلى هناك
لا يعرف.
والإنسان الذي ينصتُ له
لا يعرف.
الجسدُ الذي يُطلقُ النّحيب
يعرف.
النّحيب يعرف.

***
ترجمة من العبرية: سلمان مصالحة

لقراءة مجموعة أخرى من قصائدها بترجمة للعربية، انقر هنا

***
For Hebrew, press here
_______________

سعيد عقل في الكنيست


سـلمان مصالحة ||

سعيد عقل في الكنيست


كيف عمل سعيد عقل جاهدًا على إقناع الإسرائيليّين بأهميّة إفساح المجال له أن يُلقي خطابًا، على غرار السّادات، من على منصّة الكنيست الإسرائيليّة؟

قد يكون وقع هذا السّؤال غريبًا بعض الشّيء على مسامع القارئ العربيّ. غير أنّ الإجابة على السؤال يمكن العثور عليها ليس في الوثائق السّريّة الّتي تقبع في الأرشيفات الّتي يغطّيها الغبار، إنّما في مكان آخر أبعد ما قد يتوقّع المرء أن يكون مصدرًا لمعلومات من هذا النّوع. هذه المعلومة، إضافة إلى معلومات أخرى تخصّ السّاحة اللّبنانيّة والعربيّة، كما والإسرائيليّة، يمكن العثور عليها في الكتابات الأدبيّة، وفي الشّعر على وجه الخصوص.

قد يتساءل المرء،، هل يشكّل الشّعر وثيقة يمكن الإعتماد عليها في محاولة فهم تيّارات وأحداث سياسيّة واجتماعيّة؟ الإجابة على ذلك بسيطة، فممّا لا شكّ فيه أنّ الموروث الشّعري، لدينا نحن العرب، كان ولا يزال أحد أهمّ المصادر التّاريخيّة، إذ أنّه دوّن أحداثًا وعقائد وروحًا عربيّة على مرّ العصور، ولا يستطيع الباحث في تاريخ الحضارة العربيّة تجاهله.

لقد تبادرت إلى ذهني هذه التّساؤلات إثر قراءة مجموعة شعريّة عبريّة صادرة حديثًا هذا العام. فمن شأن القارئ لهذا النّصّ أن يقف على حقائق ومعلومات قد تكون لم تصل بعد إلى من يشتغل بالتّاريخ العربيّ الحديث، وخاصة فيما يتعلّق ببعض الجوانب المستترة من الحرب الإسرائيليّة في لبنان في العام 1982. المجموعة الشّعريّة الّتي نحنُ بصددها هي بعنوان “هستننوت”، أي تسلُّل بالعربيّة، للكاتب العبريّ أهارون أمير.

ولكن، وقبل التّطرُّق إلى الوقائع الواردة فيها، يجدر التّنويه أوّلاً بالمؤلّف وهو شاعر وكاتب، مترجم ومحرّر، من مواليد 1923، وقد درس الأدب العربي في الجامعة العبريّة في القدس. طوال فترة طويلة كان، ولا يزال، من دعاة الحركة “الكنعانيّة” في إسرائيل. أي على غرار تيّارات مثيلة، مثل الدّعوى الفرعونيّة في مصر، والفينيقيّة في لبنان، وكلّ تلك التّيّارات الّتي حاولت أن تبحث عن فرادة حضاريّة وبناء هويّة إقليميّة، ذات حضارة علمانيّة، في ظلّ الإخفاقات الّتي كانت من نصيب العروبويّة والإسلامويّة. وأهارون أمير “الكنعانيّ” النّزعة طمح إلى تأسيس الحضارة العبريّة والإسرائيليّة على أساس جغرافي إقليمي بعيدًا عن النّزعة الدينيّة اليهوديّة. ومثلما صارت إليه الحال في سائر الأماكن، مصر أو لبنان، فلم تفلح الدّعوى الكنعانيّة أيضًا في اجتذاب سواد المجتمع الإسرائيلي. ولكن، وعلى الرّغم ذلك، فقد كان لها تأثير ثقافي بيّن فيما مضى. كما لا تزال هنالك بعض الأصوات القليلة الّتي تردّد أصداء تلك الدّعاوى.

كيف تعرّف أهارون أمير على الشّاعر سعيد عقل؟ يذكر أمير أنّ بداية المعرفة كانت عبر الكتب، فهو يتذكر أنّه عندما كان يافعًا كان معجبًا بالكتب، فوقع بين يديه كتاب هو بمثابة دائرة معارف في مجلّد واحد كان صدر في العام 1935. وفي المجلّد عثر على مادّة: “عقل، سعيد”، حيث ذكر فيها أنّه شاعر عربيّ نشر في العام 1932 مسرحيّة توراتيّة بعنوان “بنت يفتاح”. ويتذكّر أهارون أمير وقائع تاريخيّة مثل، كيف عبّرت الكنيسة المارونيّة في العام 1947 عن دعمها لقيام دولة عبريّة تكون شقيقة للبنان، ويشير في كتابه هذا إلى الشّراكة بين سعيد عقل وأنطون سعادة في الحزب الّذي دعا إلى قيام “سوريا الكبرى”، وكيف أنّ أنطون سعادة رأى في مسرحيّة “بنت يفتاح” خدمة للصهيونيّة وقام بفصل سعيد عقل عن الحزب.

بعد عشرات السّنوات كان اللّقاء بين أهارون أمير وسعيد عقل، حيث تمّ ذلك إثر حرب لبنان في العام 1982. كان سعيد عقل واحدًا من بين شخصيّات لبنانيّة أجرى معها إيهود يعاري مراسل التّلفزيون الإسرائيلي مقابلات في بيروت. سعيد عقل أرسل إلى أهارون أمير، مع إيهود يعاري، تحيّات مرفقة بمجموعاته الشّعريّة الموقَّعة. غير أنّ المحادثات بين أمير وعقل أخذت تتطوّر، حيث يذكر أمير: “في محادثاتنا الّتي أخذت تتواتر، كان الحماس مُلتهبًا في جوانحه. لقد رأى في ظهور إسرائيل على أرض لبنان أمرًا ذا مغزى تحريري... وتوقّع قيام عهد قريب بين بلاده وبلادي، يُبشّرُ بالخيرات الجمّة للمنطقة بأسرها” (ص. 16). يضيف أهارون أمير أنّه سمع أثناء لقاءاته في بيروت أمورًا كثيرة تتمشّى مع هذه الرّوح من أفرادٍ ينتمون إلى سائر الطّوائف اللّبنانيّة، مسيحيّة، سنيّة، شيعيّة ودرزيّة.

غير أنّ سعيد عقل، كما يروي أهارون أمير، أراد أن يدخل التّاريخ، بل أكثر من ذلك أراد أن يصنع التّاريخ، وفي القدس بالذّات، ثمّ يضيف: كان سعيد عقل يؤمن أنّ شاعرًا مثله، ذائع الصّيت بين قرّاء العربيّة، سيكون لكلامه وقع على السّامعين. لذلك اعتقد أنّ على حكومة إسرائيل أن تدعوه إلى إلقاء كلمة في الكنيست. سيكون هذا بلا شكّ خطابًا فاتح عهد جديد، على غرار خطاب السّادات، ولذلك حريّ به أن يُسمَع هناك بالذّات... لقد استصعب سعيد عقل سماع أنّ خطابًا في هذا المكان هو أمر محفوظ لرؤساء الدّول فحسب. في نظره كانت هذه الحجّة مستلّة من حُجج الموظّفين الصّغار مقابل حجّته هو، حجّة الشّاعر النبيّ... لكن حينما اقتُرحَ عليه أن يلقي خطابه على الجبل، كما فعل اللّورد بلفور في افتتاح الجامعة العبريّة، رأى في ذلك بديلاً لائقًا لرجل في مثل مكانته... ولأجل هذا الحدث أفردت الجامعة العبريّة قاعة احتفاليّة مع دعوات خاصّة لثلاثمائة شخص إضافة إلى ممثّلي وسائل الإعلام..” (ص 19-20).

“بعد انتخاب بشير الجميّل في الـ 23 من شهر آب رئيسًا للبنان بدأ سعيد عقل يُعدّ العدّة لخطابه الموعود الّذي كان من المفروض أن يلقيه في الموعد الّذي اتفقنا عليه، وهو بداية أكتوبر” (ص 21). أمّا الرّوح الّتي كانت ستحملها كلمة سعيد عقل إلى السّامعين في القدس فهي: “صورة الماضي العريق تُشعّ، حاضرٌ ينبعث من جديد، مُستقبلٌ باهر يُبارك صانعيه بالسّلام، كما في عهد سليمان وحيرام” (ص 21). لقد عمل سعيد عقل أيّامًا وليالي على كتابة الخطاب الموعود، وفي الأسبوع الأوّل من أيلول كانت المسوّدة الرّابعة عشرة حاضرة بصيغتها النّهائيّة، بالفرنسيّة وبالعربيّة، بفضل مساعدته الأرمنيّة.

في الثّالث عشر من أيلول، يكتب أهارون أمير، كان من المفروض أن أصل إلى بيروت، وفي صبيحة اليوم التّالي سأكون في مكتبه الواقع في سنّ الفيل، للوقوف على الصّيغة النّهائيّة لخطابه الّذي كان من المفروض أن أترجمه إلى العبريّة.

“حين اقتربت سيّارتنا من مداخل بيروت في الموعد المحدّد، كان كان الظّلام مخيّمًا والإزدحام شديدًا. أدرنا مؤشّر الرّاديو إلى أذاعة الجيش الإسرائيلي لسماع آخر الأخبار، فإذا بنا نسمع خبر انفجار سيّارة مفخّخة في الأشرفيّة. في البداية ذُكر أنّ الرّئيس نجا من الإنفجار ولذلك أطلقت عيارات الفرح في الشّوارع. “فقط ساعةً واحدةً قبل انتصاف اللّيل، في مقرّ قيادة "أبو أرز" اتّصل شخص وأكّد خبر مقتل الرّئيس... أمور كثيرة دُفنت في الحُطام، من بينها الخطاب التّاريخي لشاعر كبير غزا الشيبُ مفرقَه، عالي الهمّة، رجل الأحلام والرّؤيا، واسمه سعيد عقل” (ص 22).

القران الّذي عمل سعيد عقل جاهدًا على عقده بين الفينيقيّة والكنعانيّة، بين لبنان وإسرائيل، قد دُفن في لحظة واحدة تحت حطام المقرّ في الأشرفيّة، بالضّبط مثلما دُفن حلم قران سعيد عقل وشابّة درزيّة متمرّدة من الفرع الجنبلاطي، وهذه أيضًا معلومة أخرى في هذه المجموعة الشّعريّة العبريّة الّتي تروي الأخبار على غرار أيّام العرب في الجاهليّة.
*
نشرت في ملحق تيارات، “الحياة”، 1 تموز، 2001



طل نيتسان | تهليلة معاقة

تهليلة عابرة للحدود

الطفلة طل هي حفيدة الشاعر الفلسطيني باسم النبريص من غزّة. والقصيدة المهداة إليها هي من كلمات طل نيتسان، وهي شاعرة، مترجمة ومحرّرة أدبية من من تل-أبيب. وقد رغبت في أن توصل هذه القصيدة إلى الصديق الشاعر باسم النبريص وإلى حفيدته، وما من سبيل لذلك سوى سبيل الترجمة العابرة للحدود والحواجز والحصارات كلّها.

فها أنذا أقدّم هذه الترجمة هديّة لطل الصغيرة وطل الكبيرة معًا، وكذلك للجدّ باسم النبريص كي يقرأها على مسامع حفيدته.
***

طل نيتسان


تهليلة معاقة
إلى: طل أشرف أبو خطّاب، المولودة في غزّة في 1 أيّار 2010

الطفلة التي تَحْملُ اسْمِي بَلَغَتْ من العُمْرِ اليَوْمَ شَهرًا ويومين
ودون أنْ تَعْرفَ أنّها وُلِدَتْ فِي جَهَنّم فَهْي تَزُمّ أَنْفًا صَغيرًا
وتَقْبضُ كَفَّيْها كَما الأَطْفال في كُلّ العالَم.

أرْبَعةُ كيلوغراماتها والكَعْكَةُ التي لم يَخْبزْ لها جَدُّها
حِمْلٌ ثَقيلٌ عَلَى قَلْبي.
إنْ أُرْسلْ لها دُبًّا صَغِيرًا سَيَسْقُطْ كالحَجَر.

الزّعْنفةُ الحادّةُ تَحومُ دَوائرَهَا. ها أَنَذا أَصْعُدُ،
قَدَمي علَى ظَهْر السّفينة، ذُعْرٌ وخَجَلٌ عَلَى مُحَيّاي.
طِفْلَتي تُركَتْ في الوَرَاء.


ترجمها من العبرية: سلمان مصالحة
***
For Hebrew, press here
For English, press here
_________________________

عن الكتابات الفلسطينيّة بالعبريّة

سـلمان مصـالحة 
عن الكتابات الفلسطينيّة بالعبريّة

قبل مدّة وصلني بريد إلكتروني من الزّميل نائل الطوخي ذاكرًا لي فيه إنّه يُعدّ تقريرًا شاملاً للنشر في “أخبار الأدب” القاهرية. والتقرير يدور حول كتابات بعض الفلسطينيّين من مواطني إسرائيل باللغة العبرية.

لقد سألني نائل في رسالته إن كنت مستعدًّا للإجابة على عدّة أسئلة تتعلّق بالموضوع. وقد أجبته بالإيجاب بالطبع. وبالفعل فقد أرسلت له إجاباتي على أسئلته.

وأخيرًا نُشر التقرير في “أخبار الأدب”، غير أنّي وجدت أنّ الإجابات قد حذف الكثير لكثير منها. ولا بأس في ذلك، فهذا من مسؤولية نائل أوّلاً ومن بعده المحرّر في “أخبار الأدب”.

لكن، ومن جهة أخرى، ولأنّ الموضوع مهمّ فقد رأيت أن أضع الأسئلة التي وصلتني، مرفقة بإجاباتي عليها كاملة، وذلك لتعميم الفائدة.
***
الأسئلة والإجابات كما أرسلتها:

أولا، ما الذي يدفع مبدعا عربيا للكتابة بالعبرية، ما إحساسك إزاء أزمة هويتك هنا؟

هذا السؤال مؤلّف من شقّين، ويفترض في طرحه بهذه الصّورة أنّ هنالك رابطًا بينهما. لا أعتقد أنّ ثمّة خيطًا واضحًا يصل بين شقّي السؤال. على كلّ حال، سأحاول من خلال الإجابة تبيان ما قد يلتبس في ذهن البعض في هذه القضايا.

أبدأ فأقول، إنّ الكتابة باللّغة العربيّة على العموم، من المحيط إلى الخليج ومن السودان إلى الشام، هي كتابة بلغة مُكتَسَبة في المدرسة، وليست لغة أمّ بأيّ حال من الأحوال. وبكلمات أخرى، الكاتب العربي، أينما كان، لا يكتب بلغة أمّه، لأنّ لغة أمّه هي اللّغة المحكيّة: مصريّة، مغربية، تونسية، سورية أو عراقية إلى آخر هذه القائمة، وهذه اللّهجات على تنويعاتها هي هي لغة / لغات الأمّ. أمّا هذه اللّغة التي أكتبها في هذه الإجابات فهي ليست لغة أمّ. إنّ هذه الازدواجية اللّغوية المزمنة، مضافة إلى تفشّي الأميّة، هي برأيي من بين المعوقات المركزية التي تقف حجر عثرة في طريق المجتمعات العربية بصورة عامّة. يجب أن تبقى هذه الحقيقة في البال لدى التطرّق إلى مثل هذه المسائل.

لهذا السبب أيضًا، فإنّ كلّ لغة أخرى يكتسبها الفرد، غير العربية المعيارية، وبمدى عمق هذا الاكتساب للغة، تصبح هذه اللغة الجديدة في نهاية المطاف شبيهة باللغة العربية المكتَسَبَة هي الأخرى في المدرسة.

اللغة، أيًّا كانت هذه اللّغة، هي أداة الكاتب في كلّ زمان ومكان. وفيما يخصّ الكتابة بلغة أخرى غير العربيّة، كالعبريّة مثلاً، يجدر التّفريق بين حالتين. فهنالك أشخاص لا يجيدون الكتابة بالعربيّة لأسباب كثيرة ليس هنا المجال لتفصيلها الآن، بينما هم يجيدون الكتابة بالعبريّة فقط. فهل ستطلب من هؤلاء أن يكفّوا عن الكتابة لأنّها ليست لغة أمّهم؟

أمّا فيما يتعلّق بي شخصيِّا، فأنا أشبّه اللّغة بالآلة الموسيقيّة لدى الفنّان الموسيقي. لا أعتقد أنّك كنت ستطلب من موسيقي أن يعزف على آلة واحدة فحسب إذا كان يجيد العزف على أكثر من واحدة. كما تعلم فأنا أعشق اللغة العربيّة، لغتي، ولم ولن أتنازل عنها بأيّ حال من الأحوال. وكما تعلم أيضًا فأنا أواصل الكتابة بهذه اللّغة، لغتي القومية، فلا خوف عليها من جهتي. ولكن وفي الوقت ذاته، لمّا كانت اللّغة العبريّة هي آلة موسيقيّة أخرى أجيد العزف عليها فإنّي أحاول العزف عليها أيضًا. ستسقط الحساسية عن هذا السؤال عندما نفرّق بين اللّغة كأداة تعبير وبين الأيديولوجيّات والسياسة. يجب ألاّ ننسى أنّ اللّغة العبريّة هي جزء هام من النّسيج اللّغوي السّاميّ، بل وأستطيع أن أؤكّد لك أنّك كعربيّ ومسلم لا تستطيع أن تفهم التراث الإسلامي على حقيقته دون معرفة اللّغة العبريّة، وقد أشرت إلى بعض هذه الجوانب في بعض الأبحاث التي نشرتها باللغة العربيّة.

أمّا بخصوص الشقّ الثاني من السؤال، فأنت تفترض وجود أزمة هويّة. إنّ سؤال الهويّة، على كلّ حال، هو سؤال كبير يحتاج إلى بحوث معمّقة. إنّه سؤال مطروح على مستوى العالم بأسره. الهويّة على العموم ليست أمرًا جامدًا وثابتًا، بل هي تتحرّك وتتشكّل في ظروف متغيّرة وتحت مؤثّرات متنوّعة من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية إلخ. فلو نظرنا إلى هذا العالم العربي من حولنا فإنّنا نرى بوضوح كلّ هذا التّخبّط الكبير في مسألة الهويّة. إنّه تخبّط لا يقتصر على قطر دون آخر بل هو يشمل كلّ هذه الأقطار بلا استثناء. ثمّ إنّ كلّ هذه الهويّات القطريّة التي تتحدّث عنها، ما هي إلاّ نتاج حدود رسمها الاستعمار في هذه المنطقة من العالم.

خلاصة القول حول هذا السؤال، كلّ من يقصر هويّته على حدود رسمها له الاستعمار الأجنبي فهذا شأنه هو وليشرح لنفسه أوّلاً هذه الهويّة الاستعماريّة التي يرتضيها لنفسه. أمّا أنا فلا يمكن أن أقصر هويّتي على ما يضعه لي الآخر من حدود استعمارية. إنّ هويّتي الثقافية الأولى هي عربيّة أوّلا وقبل أيّ شيء آخر، وهي شاميّة من ناحية الفضاء الجغرافي. إنّها هويّة عربيّة ثقافيّة تفصل العروبة عن الدّين، كلّ دين. فنحن ننتمي إلى حضارة عربيّة منذ ما قبل الإسلام وما قبل اليهودية وما قبل المسيحية. هذا هو الأصل الذي ننتمي إليه، وليس أيّ شيء آخر. ومن ناحيتي أؤكّد على أنّ هذه الهويّة التي أعنيها هي هويّة لغويّة في الأساس. أقول كلّ ذلك مع التأكيد على أنّ هذه الهويّة منفتحة على العالم وليست متقوقعة ومنغلقة على ذاتها.

ثانيا: من أول أنطون شماس مرورا بك وصولا إلى سيد قشوع وأيمن سكسك، هل ترى أن هناك ملامح محددة للأدب الفلسطيني المكتوب بالعبرية؟

هنالك نوعان من هذا الأدب، ويجب الفصل بينهما. نوع واحد هو عبارة عن رواية فلسطينية بشخصيّاتها وأجوائها وأحداثها، ولكنّها مكتوبة بالعبرية من قبل كاتب فلسطيني. وثمّة نوع آخر من الكتابة وهو كتابة لكتّاب فلسطينيّين بالعبريّة تحمل في طيّاتها كلّ ذلك التوتّر القائم لدى الأجيال "الفلسطينيّة الإسرائيليّة"، إذا ما استخدمنا هذا التعبير لتوصيف حالة الفلسطينيين من مواطني إسرائيل. ولمّا كانت كلّ هذه الأجيال على العموم الآن تقرأ العبرية، فإنّها أضحت تقرأ عن ذاتها بلغة أخرى غير لغة أمّها.
من جهة أخرى، هذه الكتابات الأدبيّة، الشعرية والروائية، على القارئ العبري، الإسرائيلي اليهودي، مرآة پانوراميّة عاكسة لمساحات أوسع في الساحات الخلفيّة للفضاء الإسرائيلي. وهي مساحات ما كان ليراها هذا القارئ لولا هذا النّؤع من الكتابات.

وفي جميع الأحوال، إنّ في هذا النوع من الكتابة الأدبيّة ما يمكن أن أُطلق عليه "إصابة عصفورين بحجر واحد". فمن جهة، إنّ هذه الكتابة توسّع فضاء "الفلسطيني الإسرائيلي" من خلال تخطّي الكثير من الرقابات الاجتماعية، الدينية والثقافية التي تتّسم بها الكتابة العربية. ومن الجهة الأخرى فإنّها تفرض نفسها على القارئ العبري، شاء ذلك أم أبى. إنّها تفرض عليه الخروج من بوتقته المُغلقة وتقوم من خلال ذلك بعمليّة هدم لجزء من من الحدود الإثنية اليهوديّة للأدب العبري.

ثالثا: ماذا تفعل إزاء الاتهامات من الجانبين، الجانب العربي الذي يرى في كتابتكم بالعبرية تخليا عن الهوية الفلسطينية، والجانب الإسرائيلي الذي يقلقه وجود صوت فلسطيني يعبر عن أزمته ويتعامل معه مباشرة بلغته مما لا يوفر له فرصة لتجاهله؟

لا أعتقد أنّ هنالك من يتّهم مغاربة، جزائريين، توانسة أو لبنانيين لمجرّد أنّهم يكتبون باللغة الفرنسية على سبيل المثال. لذلك فإذا كان ثمّة من يُطلق هذا النوع من الاتهامات فيبدو أنّ اتهاماته نابعة من مكان آخر لا علاقة له بالموضوع. أمّا من جهتي، فقد ذكرت أنّي أعزف على آلتي اللّغوية العربية، وعلى آلتي العبرية المكتسبة هي الأخرى، ولو امتلكت آلة، لغة أخرى وكنت واثقًا من امتلاكي لها بعمق، لعزفت عليها أيضًا.

على كلّ حال أعتقد أنّ هنالك، فيما ذكرت من قبل، إجابات على كلّ هذه التساؤلات.

***
لقراءة التقرير كما نشر في “أخبار الأدب”، انقر هنا.
__________________

آچي مشعول: تهليلة


آچي مشعول

تهليلة

بعيدًا في السّماء
يَحُومان عَلَى غَيْمَة
أمٌّ حَزينة
وَأَبٌ مُهَرِّج

لكنّي لَسْتُ مِنْ هناك
هذه لَيْسَتْ أنا
أنا، لقَاءَ بَطّة،
اشْتَرَيا مِنْ غَجَريّ

وَرُبَّما فَقَسْتُ منْ قَرْنَبيط
أو سَقَطْتُ من منقرِ
لَقْلَق.

لنْ أَعْرف أبدًا.
أبدًا لنْ أتَحَقَّق.


ترجمة: سلمان مصالحة

***
من مجموعة: زيارة بيتية، 2009

لقراءة المزيد من شعر آچي مشعول، انقر هنا.

حاييم غوري: "خلخال ينتظر الكاحل"، قصائد



حاييم غوري

"خلخال ينتظر الكاحل"

ترجمة وتقديم: سلمان مصالحة



ولد حاييم غوري (Haim Gouri) في تل أبيب في العام 1923، وبهذا يكون قد نشأ وترعرع في فترة الانتداب البريطاني في فلسطين فكان شاهدًا على ما جرى فيها من أحداث مصيريّة حتّى حصول النّكبة الفسطينيّة وقيام دولة إسرائيل. في العام 1941 إنضمّ چوري إلى كتائب الـ "پلماح" (وهي تعبير عبري مركّب من كلمتين، پْلُوچُوت ماحَتْس، أي الكتائب السّاحقة، أو الصّاعقة)، الّتي حاربت إبّان الانتداب البريطاني قبل قيام دولة إسرائيل، ولاحقًا انخرط في صفوف الجيش الإسرائيلي حتّى تمّ تسريحه. درس حاييم غوري الأدب في الجامعة العبريّة في القدس، كما درس الأدب الفرنسي في جامعة السّوربون في پاريس. حاز جوائز أدبيّة مختلفة، منها جائزة "بيالك" للعام 1975، ثمّ جائزة إسرائيل للعام 1988.

أهارون شبتاي | شيزوفرينيا الوطن


أهارون شبتاي


"شيزوفرينيا الوطن"



(قصائد)


ترجمة وتقديم

سلمان مصالحة



ولد أهارون شبتاي في تل-أبيب في العام 1939. درس التراث الإغريقي والفلسفة في الجامعة العبريّة وهو يعمل الآن مُدرّسًا للأدب العبري في جامعة تل-أبيب. ينتمي إلى جيل الشّعراء العبريّين الّذين ترعرعوا مع قيام دولة إسرئيل، ويُعدّ من أبرز مترجمي الدّراما الإغريقيّة إلى اللّغة العبريّة حيث يواصل مشروعه هذا منذ سنوات، وقد ترجم حتّى الآن 24 عملاً دراميًّا إغريقيًّا من الأصل الإغريقي إلى اللّغة العبريّة. له مؤلّفات شعريّة كثيرة حيث نشر منذ العام 1966 ستّ عشرة مجموعة شعريّة بالإضافة إلى مؤلّفات وكتابات أخرى.

آچي مشعول: قصائد


آچي مشعول

قصائد

ترجمة: سلمان مصالحة


ولدت آچي مشعول في هنغاريا في العام 1946. متزوّجة وتعيش مع عائلتها في قرية زراعية هي كفار مردخاي في جنوب إسرائيل.نشرت آچي مشعول حتّى الآن ثماني مجموعات شعريّة وحازت على جوائز أدبيّة متعدّدة بينها جائزة رئيس الحكومة وجائزة يهودا عميحاي.تُعدّ آچي مشعول من أبرز الأصوات الشّعرية العبرية النسائية المعاصرة. الحياة القروية، بنباتها، حيوانها وطيرها، إضافة إلى الألوان والرّوائح كثيرًا ما تنعكس في شعرها الّذي تصعب أحيانًا ترجمته إلى لغات أخرى بسبب الإشارات والتّلميحات التي تستند إلى لعبة لغوية هي من صميم اللغة العبرية. لا يخلو شعرها من أيضًا من نبرة الدعابة والسخرية الذاتية التي يحاول الشعراء عادة الابتعاد عنها.
الجسد والإيروطيقا لهما مكانة خاصّة في شعرها، ومن خلال لعبة الحبّ الجسدانية إنّما هي تريد الوصول ليس إلى المتعة في التعبير التجسيدي فحسب، بل أبعد من ذلك، إنّها تطمح إلى الوصول إلى متعة التعبير التجريدي في اللغة.

هذه هي المرّة الأولى التي تترجم قصائدها وتُنشر باللغة العربية.


***

يَدٌ وَاحِدَة

يَدٌ واحدة تَخْلطُ الكَرَنْب
يَدٌ واحدة تُديرُ قُرْصَ الحُبّ 
يَدٌ واحدة تَنْقرُ في الأَنْف
 يَدٌ واحدة تُصَفّقُ بالكَفّ
 يَدٌ واحدة تُمْسِكُ بالقَلَم
 يَدٌ واحدة تَطيرُ كَالجناح
 يَدٌ واحدة تُخْفِي يدًا 
تُخْفِي يدًا تُخْفِي يدًا 
وَطْرُومْپِلْدُور كانَ أَجْذَم
 يَدٌ واحدة في المِحْراث
 يَدٌ واحدة كانَ أَجْذَم 
***


  السّهل الدّاخلي
 هنا 
في السّهل الدّاخلي 
 أرعى مع الووكمان في المَرْج
 أنتقي لي عصا
 أفتحُ كوز رمّان
 أصفُرُ للكَلْبَة

 إلى قائمة الأشياء 
الّتي تُسبّب لي قُشَعْريرة أضفتُ هذا الصّباح 
بيلي هوليداي تُغنّي:
I'm so lonely.

***

  تَجَلٍّ  
في الصّباح الباكر جدًّا 
رأيتُ على حبلِ غسيلي 
ملاكًا ورديًّا عالِقًا في مِلقَط
 وقطًّا أسْوَدَ  
تحتَهُ 
 يُحاولُ الإمساك 
 بِكُمّه. 
***


  أنفخ الرّوح

 أتذكّرُ‏ ‬خطابًا صغيرًا كنتُ‏ ‬كتبتُه
بيني‏ ‬وبين نفسي‏ ‬عن
أنّي‏ ‬أردعُ‏ ‬حياتي
كي‏ ‬أُنصتَ‏ ‬للشِّعْر
الّذي‏ ‬سيأتي‏ ‬إذا ما
اختصرتُ‏ ‬الطّريقَ‏ ‬إليه

بدلَ‏ ‬ذلك أنا أنفخُ‏ ‬الرّوح
في‏ ‬عشيقٍ‏ ‬ما مرحوم

أُجندلُه بسِنان القَلَم‏ ‬
على حلبة الورقة
وأعدّ‏ ‬حتّى تسعة‏.‬

 *** 


نوكطورن I 
(‬أ‏)‬
داخل البيت
كلّ‏ ‬شيء مخزون‏:‬
السّكّر في‏ ‬القارورة
الخبز في‏ ‬صندوق
الخبز،
السّكّين في‏ ‬الجارور
الطّعام في‏ ‬الجفنة،
الرّياح العاتية
بين ثنايا السّتارة
الشّيء فوق الآخر
الملاحف
المخدّات،
الكلاسين
والصّدريّات،
كلّ‏ ‬شيء مخزون‏:‬
الموسيقى في‏ ‬شقوق الإسطوانات،
الفأر في‏ ‬العليّة
الأشياء المرفوضة‏.‬

‏(‬ب‏)‬
إذا قامت المرأة من فراشها
وفتحت البرّاد،
يمكن رؤية محيّاها،
يمكن رؤية نظراتها
في‏ ‬الجبنة الّتي‏ ‬تنظر إليها من ثقوبها،
لكن في‏ ‬هذا الضّوء الشّاحب،
يُرى جوعُها مفتوحًا
على ضوء آخر
وليس للأزرق المتراقص
في‏ ‬شاشة التّلفزيون،
وليس للأحمر‏  ‬المُشعّ
من ساعة المُنبّه،
أو لنيون القمر
الّذي‏ ‬يُشعّ‏ ‬أباجورةَ‏ ‬روحها‏.‬
هي‏ ‬بحاجة‏ ‬
إلى ضوء آخر
في‏ ‬اللّيل المُنتظِر كأريكة جلد سوداء
لابتلاعها‏.‬

‏(‬ج‏)‬

لا أقف هكذا دونما سبب في‏ ‬اللّيل
مائلة نحو المغسلة
أُشْغلُ‏ ‬مَنْصِبي
وأغنّي‏ ‬للبعيد‏:‬
سرب أسماك مسافرة

لأنّ‏ ‬كلّ
ما لَهُ‏ ‬حَوْلٌ‏ ‬وقوّة
يبتعد عن الأرض‏:‬
دخان المدخنة،
الصّلاة،
قفزات السّعادة

لكنّ‏ ‬أهل البيت‏ ‬يتنفّسون كما الأغنام
نائمون في‏ ‬الغرف واللّه حارسهم

وتحت البيت مياه الجَوْف
وتحت الجَوْف
لاڤا من الكسل‏.‬ 
***  


وداع

 "أپريل هو أَلأمُ الشُُّهور يخلطُ الذّاكرة بالشّبق" ت. س. إليوت
 
عِقابًا لكَ‏ ‬على موتِكَ
ينفونكَ‏ ‬الآن
إلى مدينة جديدة،
بيوتُها صَغيرة‏.‬

مُلتفعًا بثياب التّرحال
البيضاء‏ -‬
الموضة العتيقة ذاتها،
يُجرّدونكَ‏ ‬من اسْمِكَ
الشّخصي

وغَصْبًا عنكَ
حَوْضٌ،‏ ‬قَسيمة صفّ
تُعطيكَ‏ ‬عنوانًا آخر‏.‬

وأنا أَخِزُ‏ ‬أصابعي
بأشواك الـ‏ »‬بْلُو مُونْ‏« ‬الزّرقاء
الّتي‏ ‬تنشرُ‏ ‬رائحتها الطريّة
من حضني

وأَرَى كيفَ‏ ‬يَشْتُلُونَك
في‏ ‬بُستان المَوْتَى الكبير
وما مِنْ‏ ‬مَطَر،
حتّى أكثرُهُ‏ ‬رياءً،
سَيُنبِتُكَ‏ ‬ثانيةً
أبَدًا‏.‬

***


 الهدوء
 أنا هُدُوءُ الغُرْفَة. 
كُلَّمَا دَقَقْتُ 
غَلُظَ الصَّخَبُ فِي رُؤُوسِكُمْ.
 أَنا مَنْ يُخَمِّرُ الكَلِماتِ الَّتِي سَتَأْتِي. 
أنَا الحُفْرَةُ الَّتِي يُمْكِنُ مَلْؤُهَا بِالكَلِمَة. 
لَنْ تُفْلِحُوا بِالإفلاتِ مِنِّي،
 أَنا الطُّمَأْنِينَةُ فِي قَلَقِ جَسَدِكُمْ 
أَنصبُ لكمْ كمينًا 
في طرفِ أياديكُمْ المبسوطة 
الضّحكات القهقهات 
الحركات الخفيفةعلى الكرسي.
 أنتم تقلمونني من رؤوسِ الأظافر،
 تلتقون بي في السّقف 
 في الجدران في الأشكال الغريبة 
الّتي تنبتُ في البلاطات.
 أنا الإنصاتُ الكامن في كلّ شيء 
أنا هو من ينبلجُ فيكم 
الآن.
 ***
 وفاق
 أبي العجوز، المُنهَك، 
عادَ من بين الأموات 
ليغفو في صالوني 
على الأريكة الجلديّة. 
جاء بثيابه الجميلة -
 بدلة، ربطة عنق، 
أوروپيًّا ألقت به رجلاه 
بين آسيويّين. 
أنا الآن 
صرتُ والدةً لوالديّ 
ولا شائبةَ بقلبي تجاهه
 أقترب منه من الوراء 
وأربّتُ على كتفِهِ 
كَفِعْلِ رجلٍ على كتفِ زميلِه: 
"يا لكَ مِنْ ساذج يا أبي"
 أقولُ لهُ،وأقصدُ صنفَ الرّجالِ 
الّذِي انَكُتبَ عليَّ أنْ أعشقَهم 
طوال عمري بسببه. 
*** 

قصيدة حبّ 
علامَ ترحلُ بعيدًا 
بحثًا عن العجائب، 
بينما هي بين رجليّ؟ 
تعالَ إليّ عميقًا  
إلى رحمي  
لأنّ المساءَ أرخى سُدولَهُ
 وَانطفأَ البُرتقال.
 *** 

پاپوا نيو-غيني
 أُحبُّ أنْ أقول پاپوا نيو-غيني. 
وإلاّ لَـمَا كُنتُ أَتيتُ إلى هُنا.
 زَوْجي أنطونيو يَضُمّنِي من الوراء 
ويهمس قَبلَ أنْ ينام:حِبِّيني أَكْثرَ ممّا أُحبُّكِ 
وَأنا ألاطِفُ وجَهَهُ وأُحبُّهُ أكثرَ ممّا يُحبّني
 وعلى كلّ حال لا يَهمّني لأُسبوع أَنْ أحبّه أكثر، 
في نِهايةِ المطاف صَعْبَةٌ حَياةُ سفير الپُرتغال: 
الدُّولُ العُظمى تُهَدِّد وَلَيْلُهُ أَرِقٌ بَحْثًا عن 
العصر الذّهبي في المستعمرات، 
كلمات مثل أنچولا، ماكاو، كوشين ونامپولا 
 تُبحر للوراء كسفنٍ خشبيّة عتيقة في دمِهِ 
وتُحَوِّلُ شَخِيرَهُ نُواحًا وغَيْرَ مرّةٍ يَتَشَرْدَقُ قَلِقًا مَهْزُومًا. 
وَلِمَ لا؟ يَسْتحِقُّ أَنْ أُحبّهُ أكْثرَ.
 أَنا كريمةٌ وَأَمْلَؤُ الذّراعين الجديدتين اللّتين تَضمّانني 
 في حين قلبٌ غريبٌ يَحُثّني  
على أنّ العصافيرَ في پاپوا نيو-غيني 
غَنيّةٌ بالألوان وَصَوتَها جَميلٌ جدًّا ومُغْرٍ، 
وعَبْرَ السّتارة هناك يُضيءُ القَمرُ أَيضًا حَياتِي السّابقَة.
 يا لي مِنْ حِرباء ماهرَة. عندما أزْحَفُ على پاپوا نيو-غيني
 أُبَدّلُ ألواني بألوانها،وعندما أزْحَفُ على جَسَدِ أنطونيو 
 أُبدّل ألواني بألوانهِ، إذ يجب أَخْذَ كلّ َما تمنحُهُ الحياةُ 
وَأنا آخذُ يَعْنِي أَمْنَحُ. زوجي مُرَتّبٌ للغاية. 
حتّى البابا المعلّق على حائطِ غُرفةِ نومِنا 
يبتسمُ راضيًا عن التّرتيب الخالص: 
 نَعْلٌ حَذْوَ نَعْلٍ، القميصُ والبنطالُ مَطْوِيّان، 
ساعةُ اليدِ على الـمنضدة.  
زوجي لا يحبّ أن أنامَ مع السّاعة. 
 لكنّى أحبّ في اللّيل توزيعَ إيقاعاتِ نبضِ القلب 
والصّلصلةَ الدّيجتاليّة إذْ هُوّةٌ ساخرةٌ ممتدّة بينهما.
الآن أنا أَطْمَئِنُّ في جَسَدِهِ اللّذيذ، 
 يَسُوعُ الذّهب المُتدلّي من عُنقِهِ بارتخاءٍ، 
مَغْميٌّ عليهِ ويداعبُ جلدي.
أنا يهوديّة ونحنُ عاريان. 
ماذا يُفَكّرُ عَنّا يوحنّا اللاّبسُ المُعْتَمِرُ قُبّعةً 
وبيدِهِ العَصَا. 
واحد- اثنان -ثلاثة 
هُوَ أَحَشويروش 
 وأنا زوجةُ السّفير في پاپوا نيو-غيني.
***


نشرت في فصلية "مشارف"، عدد 17، 2002
____

אגי משעול, "שירים", תרגם לערבית: סלמאן מצאלחה, משארף, מס' 17, 2002


Agi Mishol, "selected poems", translated by Salman Masalha, Masharef , No. 17, 2002




شاي دوتان: الشّعرُ يؤثّر على العالَم


شاي دوتان

الشّعرُ يؤثّر على العالَم

أَنْبَتَتْ زَوْجَتِي مِنْقارًا.
أَعْتَقِدُ أَنَّ هذا بِسَبَبِ الشِّعْر.
لأَنَّنِي بالَغْتُ بَعْضَ الشَّيء
بِتَشْبِيهِ العُصْفُور. هاكِ،
قُلْتُ لَها، الشِّعْرُ يُؤثِّرُ على العالَم.
كَمْ شَعَرَتْ بِالإهانة! لَمْ تَقُلْ ذلك
بالكلمات، لكنّ الحركة العصبيّة في العُنُق
والتّأهُّب الرّفّاصيّ في الرِّجلَيْن
فضحا كلّ شيء. لَمْ يَنْفَعْ
أنّي كَدَدْتُ على تقطيع السَّلَطة، قَلْيِ العجّة.
في اللّحظة الّتي فَتَحْتُ بها النّافذة
بَسَطَتْ زَوْجَتي ذراعَيْن.


ترجمة: سلمان مصالحة

***
القصيدة نشرت في مجلّة هليكون - "فنطازيا"، عدد 80 شتاء 2008
قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!