‏إظهار الرسائل ذات التسميات ترجمات إنكليزية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ترجمات إنكليزية. إظهار كافة الرسائل

ويليام بتلر ييتس || جزيرة بحيرة إنيسفري




ويليام بتلر ييتس ||

جزيرة بحيرة إنيسفري


سَأَنْهَضُ وَأَمْضِي الآنَ، سَأَمْضِي نَحْوَ إنِيسْفْرِي،
وَكُوخًا صَغِيرًا أَبْنِي لي هُناكَ، قَصَبًا أَبْنِيهِ وَطِينَا،
تِسْعَةُ أَتْلامِ بُقُولٍ زادِي هُناكَ، عَسَلٌ مِنْ نَحْلِ قَفِيرِي،
وَأَعِيشُ وَحِيدًا في مَرْجٍ يَمْلَؤُهُ النَّحْلُ طَنِينَا.

حانا بلوخ || المتهودون

حانا بلوخ || المتهودون

فِي اليَوْمِ الأَقْدَسِ نَصُومُ حَتَّى مَغْرِبَ الشَّمْسِ.
هَا أنَا أُراقِبُ الشَّمْسَ واقِفَةً لا تَتَحرَّكُ،
بَيْنَما يَدْنُو الأُفُقُ بِبُطْءٍ مِنْهَا. أَرْبَعُ ساعاتٍ تَبَقَّتْ.

كبير || قصائد

مختارات من الشعر الهندي

للشاعر الصوفي الهندي كبير (1440 - 1518 )

كبير || قصائد

قفص

مُخْتَبِئَةٌ فِي هذا القَفَصِ المَعْمُولِ
مِنْ مادَّةٍ مَرْئِيَّة

هِيَ عُصْفُورَةِ الحياةِ
اللاّمَرْئِيَّة

باشو || خمس قصائد هايكو


مختارات من الشعر الياباني


باشو || خمس قصائد هايكو


الغُيُومُ السّانِحَة
تُضْفِي بَعْضَ الرّاحَة،
مِنَ تَعَبِ النَّظَر للقَمَر.
***

كاليداسا || نداء السّحَر

من الشعر الهندي

كاليداسا || نداء السّحَر

أَصِخِ السَّمْعَ إلَى نِداءِ السَّحَر!
وَبِهَذا اليَوْمِ، أَلا أَنْعِمِ النَّظَر!
إذْ هُوَ العَيْشُ، لُبُّ لُبَابِ
حَيَاةِ البَشَر.


عباس كيارستمى || قصائد

مختارات من الشعر الفارسي



عباس كيارستمى || قصائد



بوى نان تازه به مشام مى رسد
از مزارع گندم
ظهر تابستان.

*

رائحةُ الخبز الطازج
تفوحُ في الأجواء من حُقول القَمح
في ظهيرة يوم صيفيّ.
***

المشي بمحاذة النّهر




مختارات شعريّة



المشي بمحاذة النّهر

(قصائد هايكو يابانيّة)





بَعوضَةٌ خَرِيفيّة،

مُصمِّمَةً أَنْ تَمُوت،

لَسَعَتْنِي.




شيكي
***





البطّاتُ الدّاجِنَة

تَمدُّ أعناقَهَا، آمِلةً

أَنْ ترَى العَالَم.


كوجي

***


أنْ يكونَ لكَ أطفالٌ،

تَفْهَمُ ذلك -

لكن، بِصُورَة مُتأخّرة.


مجهول

***


يومٌ ضَبابيّ

لا شكّ، أَنّها مُنْشَغلَة بالنّميمة

أحْصِنَةُ الحُقُول.


إيسا

***


مُنْشَدَةً بِلا انْقِطاع

قَصائدُ الضّفادع

تَحْتَوي عَلَى كَثيرٍ من المقاطع.


إيجي

***


الحَيّةُ انْسَلَّتْ بعيدًا -

غيرَ أنّ العَيْنَين اللّتين حَدَّقَتَا بِي

بَقِيَتا في القَصَب.


كيوشي

***


الكَلبُ الهَرِمُ

يَتقدَّمُنا فِي الطَّرِيق، دَليلًا-

لِزِيارةِ قُبُور العائِلَة.


إيسا

***


بِلا رَفِيقٍ،

مَتْرُوكٌ في الحُقُول،

قَمَرُ الشّتاء.


روسيكي

***


بعد أَنْ أَعْطيتُ رَأْيي

أرْجِعُ لِلبَيت

إلَى رَأْي زَوْجَتِي.


ياشو

***


أَسْوأ مِنَ الدُّمُوع،

ابْتِسامَةُ

الطِّفْلِ المَتْروك.


مجهول

***


السّماءُ تَعلمُ، الأَرْضُ تَعلمُ

كُلّ الجيران يَعْلَمون

الأَهْلُ لا يَعْلَمون.


شيشوشي

***


بِمُشارَكَةِ شَمْسيّة واحِدَة -

الشَّخْصُ الأَكْثرُ عِشْقًا

يَبْتَلُّ.


كيسانجين

***


بإخراجِ الكَلْبِ

للمَشْي، تَلتقِي

بِالكَثير من الكِلاب.


سوشي

***


شَريكان في ذات الدّم

لكنْ، لا يمتُّ أحدُنا للآخَر بِصِلَة -

بَعُوضةٌ لَئيمة.


جوسو

***


رِيحٌ خريفيّة -

فِي قَلْبِي، كَمْ مِنَ

الجِبالِ والأَنْهار!


كيوشي

***



مَشْيًا بِمُحاذاة النَّهْر

دُونَما جِسْرٍ لِلعُبُور

النّهارُ يَطُولُ كثيرًا.


شيكي

***


يَسْمَعُ وَقْعَ الخُطَى

يَنْشَطرُ إلَى اثْنَتَيْن -

الظِلُّ.


مجهول

***





جائيةً إلى البَحْر،

ريحُ الشّتاء

لا مكانَ لها تَعُودُ إلَيْه.


سيشي

***


ترجمها من الإنكليزية: سلمان مصالحة







إيسّا || قصائد هايكو


مختارات من الشعر الياپاني


إيسّا

قصائد هايكو


حَيْثُما يُوجدُ ناسٌ
ثَمّةَ حَشراتٌ، وَكذلكَ
يُوجدُ بُوذَاوَات.

*

خلالَ النّهار
يَخْتَبِئُ البُوذا وَراءَ
بَعُوض
*

إنّها تُعَمِّرُ طَويلاً
الحَشَراتُ، البراغيثُ، وَالبَعُوضُ
في القَرْيةِ الفَقِيرَة.
*

لِرُؤْيَتِي طَاعِنًا فِي السّنّ،
حَتَّى البَعُوضُ يَهْمِسُ
قَرِيبًا مِنْ أُذُنِي.
*

إنَّهُ الغَسَق -
بِيْنَمَا أنَا والأَرْض نَتَجاذَبُ أَطْرَافَ الحَدِيث،
تَتَسَاقَطُ الأوراقُ.
*
ترجمة: سلمان مصالحة




كوباياشي إيسّا (1763–1827) - والمعروف بكنيته "إيسّا" (فنجان شاي) هو من كبار شعراء الهايكو الياپانيين. لمزيد من المعلومات حول الشاعر، انقر هنا.




روبرت فروست || نار وجليد

مختارات من الشعر العالمي:


روبرت فروست || نار وجليد

يقُولُ البعضُ: سَيَنْتَهي العالَمُ في النّار.

تشارلز بوكوڤسكي || رفيق


تشارلز بوكوڤسكي || رفيق


لستُ وحيدًا.
إنّه هُنا الآن.


أظُنُّ أحيانًا
أنّهُ اختفى
وسرعان ما يَعُودُ
مُحلِّقًا في الصّباحِ،
أوْ - فِي الظّهيرة،
أوْ - في اللّيل.

طائرٌ لا يُريدُه أحد.
هو لي،
طائرُ آلامي.


إنّهُ لا يُغرّدُ
ذلك الطّائر
الّذي يَتَهادَى
على الفَرْع.
*

ترجمة: سلمان مصالحة




عباس كيارستمى || قصائد

مختارات من الشعر الفارسي:


عباس كيارستمى || قصائد


در خيالم
جهنمى است
كه مراگرم مى كند
در زمهرير تنهابى.

زبغنييف هربرت | مقهى

زبغنييف هربرت || مقهى

فجأةً تنتبهُ إلى أنّ الفنجان فارغٌ. أنّك ترفعُ إلى الفمِ هاويةً.
طاولات الرّخام تُبحرُ كجلائد الثّلج الطافية. فقط المرايا
تتغنّج، واحدة إزاء الأخرى، هي فقط تؤمن باللانهاية.
حان الوقتُ للانصراف دون انتظار قفزة العنكبوت القاتلة.
في الليل يمكنُ المجيءُ ثانيةً لإلقاء نظرات متمعّنة عبر
القضبان المُغلقة في المجزرة المُرعبة للأثاث.
المقاعد التي قُتلتْ بوَحْشيّة والطاولات مُلقاة على ظهرها
وأرجلها ممدودة إلى سماءٍ من الكِلْس.

ترجمة: سلمان مصالحة

* زبغنييف هربرت - شاعر بولندي
ــــــــ

تيد هيوز || قصائد

من الأرشيف:

تيد هيوز || 

قصائد


أغنية الغراب عن نفسه

لمّا ضربَ اللّهُ الغرابَ بالفأس
عملَ ذهبًا
لمّا صَلَى اللّهُ الغرابَ في الشّمس
عملَ ماسًا
لمّا مَعَسَ اللّهُ الغرابَ في المكبس
عملَ كحولاً
لمّا مزّق اللّهُ الغرابَ إربًا إربًا
عملَ نهارًا
لمّا شنقَ اللّهُ الغرابَ على شجرة
عملَ ثمارًا
لمّا قبر اللّهُ الغرابَ في التّراب
عملَ آدم
لمّا حاولَ اللّهُ أن يشطرَ الغرابَ شطرَيْن
عملَ حوّاء
لمّا قال اللّهُ: ”انتصرتَ أيّها الغراب“
عملَ المُخلِّص
لمّا انصرفَ اللّهُ مُحمّلاً باليأس
شحذَ الغرابُ منقارَه، وطفقَ يُراوغُ اللّصَّيـْن.

***

الباب

في الخارج، تحتَ أشعّة الشّمس، يقفُ جسمٌ
هو وليدُ عالَم الجماد
جزءٌ من سُور العالَم الأرضي.
نباتاتُ العالَم شبيهة بأعضاء التّكاثُر
والسّرّةُ المعدومة الزّهور
تحيا في أخاديدها.
كذا بعضُ المخلوقات الأرضيّة، كما الفم،
جميعُها ضربت جذورًا في الأرض، ربّما تقتات التّراب، ترابيّة
تُسَمِّكُ السّور

فقط، ثَمَّ كوّةٌ في السّور -
بابٌ أسود:
بؤبؤ العين
عبْرَ ذلك الباب أتى الغٌراب
طائرًا من شمسٍ لِشَمْسٍ ليجدَ هذا البيت.

***

وردة السَّحَر

تُذيبُ قمرَ صقيعٍ قديم.
عذابٌ تحت عذاب، صمتُ التّراب
وغرابٌ يُحادثُ خطوط الأفق الحجريّة

وحيدةٌ هي نعقةُ الغراب العابِسَة
كما فم العجوز
عند انتهاء الرّموش
وتَواصُل التّلال

***

نعيقٌ

دونما كلام،
كحداد طفلٍ حديث العهد
على ميزان فولاذيّ بارد صَلْد،
كعيارٍ خفيت الصّوت متبوعٍ بالأزيز
بين أشجار إبريّة، ساعةَ أصيلٍ مَطِير.
أو كسقوط الفُجاءة، السّقوط الثّقيل
لكوكب الدّم على الورقة السّمينة.
***

خطأ ديني فظيع

حينما ظهرَ الأفعى كما أمعاء الأرض البنّيّة
من الذّرّة الفاقسة
مع ما لديه من أَلِيبي ملتفًّا حوله
رافعًا عنقًا طويلة
يُوازِنُ ذلك الأصمّ وتلك النّظرة المزجّجة
سْفِينْكْس الحقيقة الأخيرة
يتلوّى مَرِنًا على ذلك اللّسان المزدوج، المتشظّي اللّهب
صائتًا كما شخير الأفلاك
عبوس اللّه المتثنّي وريقة في مرجل
وذابت رُكَبُ الرّجُل والمرأة وانهارت
وذابت عضلاتُ أعناقهما، جبيناهما ضربا الأرضَ
دموعُهما انسحبت ظاهرة للعيان
ثُمّ همسَا: ”إرادتُك سلامُنا.“

لكنّ الغُرابَ نظر شزرًا
وخطا خطوة ً أو خطوتين للأمام
أمسك بهذا الكائن، بقفاه المترهّل،
وانهالَ عليه بضربٍ جهنّميّ، ثمّ التَهَمَه.
*
ترجمة: سـلمان مصـالحة
__
نشرت الترجمة في: "القدس العربي"، 12 ديسمبر 1998
___________

تشارلز بوكوڤسكي | جوابي



 

تشارلز بوكوڤسكي ||


جوابي 




”ما الدّاعي لديه لاستعمال كلمات مثل هذه
في كتاباته؟“


”كلمات مثل ماذا، يا أمّاه؟“


”حسنًا، مثل - motherfucker .“

”هنالك مَنْ يتكلّم هكذا، يا أمّاه.“

”أُناسٌ يعرفُهم؟“

”نعم.“

”لكن، لماذا يُصادق
أُناسًا كهؤلاء؟“

”لأنّه، يا أمّ امرأتي، لو صادقتُ فقط
ناسًا مثلكِ،
لن يكون ثَمّ شيء أكتب عنه،
شيء يرغبُ الـ motherfuckers بقراءتِهِ“.
*
من مجموعة: The Continual Condition 2009

ترجمة: سلمان مصالحة

For Hebrew, press here
ــــــ

مارتين نيمولر - جاؤوا أولا

سـلمان مصـالحة

صرخة ضدّ اللاّمبالاة

هنالك صيغ متعدّدة لنصّ مارتين نيمولر (Martin Niemöller). لقد كتب النصّ، الصرخة، ضدّ النازية بعد إحكام سيطرتها على ألمانيا، وهو من بين النصوص الأشهر التي تُقتَبس ضدّ لامبالاة الأفراد، وضدّ الركون إلى الصمت في حال الظّلم والحكم المتعسّف. إنّه نصّ نافع لكلّ زمان ومكان، وحيثما حلّ ظلم وعسف في هذا العالم.

مارتين نيمولر

جاؤوا أوّلاً


جاؤُوا أوّلاً إلى الشّيُوعيّين،
وَلَمْ أرفَعْ صَوْتِي،
لأنّي لَمْ أكُنْ شُيوعيًّا.
ثُمّ جاؤُوا إلى الاشتراكيّين،
وَلَمْ أرفَعْ صَوْتِي،
لأنّي لَمْ أكُنْ اشتراكيًّا.
ثمّ جاؤُوا إلى أعْضاء النّقابات،
وَلَمْ أرفَعْ صَوْتِي،
لأنّي لَمْ أكُنْ نقابيًّا.
ثمّ جاؤُوا إلى اليَهُود،
فَلَمْ أرْفَعْ صَوْتِي،
لأنّي لَمْ أكُنْ يهوديًّا.
بَعْدَئذٍ جاؤُوا إليَّ،
فَلَمْ يَتَبَقَّ أحَدٌ
لِيَرْفَعَ صَوْتَهُ لأجْلِي.

ترجمة: سلمان مصالحة

For English, press here

يوسانو طيكان / في هذا البلد

يوسانو طيكان

في هذا البلد

الرّجالُ الكبارُ السنّ
أذكياء جدًّا
في هذا البلَد.

دائمًا،
الشبّان هم الّذين
يضحّون بأنفسهم.


ترجمة: سلمان مصالحة

يوسانو طيكان (Yosano Tekkan)، هو الاسم الأدبي ليوسانو هيروشي
شاعر ياپاني من مواليد كيوطو (1873-1935).

ڤيسار جيطي/الشّعَرات


ڤيسار جيطي

الشّعَرات



كَمْ مِنْ تِلْكَ عَلَى رُؤوسنا،
نَمْشُطُها حسبَ آخر صرعة.
نُزيّنُها،
نَنفُشُها أمامَ المِرْآة،
نَمْلؤها بالبريق والرّوائح.
لكنْ، حينما نَحْلقُ
وَتَسْقُطُ عَلَى الأرْض،
فإنّا نَكْنُسُها
كَمَا الزّبالة،
كَما الحُكّام.




ترجمة: سـلمان مصـالحة

من مجموعة: "ذاكرة الهواء" 1993.

ڤيسار جيطي: شاعر ألباني من مواليد 1952. اشتغل مدرسًا في قرى ألبانيا، وبعد أن نشر مجموعته الشعرية الأولى في العام 1980 حُكم عليه بالسجن لمدّة ثماني سنوات مع الأشغال الشاقّة.
القصيدة هذه هي خير تعبير عن مصير المستبدّين من الحكّام على سائر مللهم ونحلهم. لذلك من المهمّ وضعها هنا في ترجمة عربيّة لما لها من إسقاطات على المستبدّين من الحكّام العرب.
*
10 أكتوبر 2009
***
Visar Zhiti,"The Hairs", translated into Arabic by Salman Masalha

خلود/ للشاعر الهندي كبير

خُلُود

للشاعر الهندي كبير (ت: 1518)
المُلوكُ سَيذْهَبُون، وَكَذَا مَلِكاتُهم الجَميلات،
حرّاسُ البَلاط، وكُلُّ ذَوِي الأَنَفَة سَيَذْهَبُون.
القُضاةُ الّذين يُرَتّلون الڤِيدات سَيَذْهَبُون،
وَسَيذْهَبُ أُولئكَ الذين لهم يُنْصتُون.
اليُوچيّونَ المازوخيّونَ وَالمُفَكّرونَ اللاّمعُونَ سَيَذْهَبُون،
القَمَرُ سَيذْهَبُ، وَالشّمْسُ وَالماءُ وَالرّيح.
كَذَا يَقُولُ كَبير، يَسْتَطيعُ البَقاءَ فَقَطْ أُولئكَ
الّذينَ عُقُولُهم مُوثَقَةٌ بالصُّخُور.


ترجمة: سلمان مصالحة
*
كبير: بريشة الفنان غلام محمد شيخ
***

"Eternity" by Kabir, translated into Arabic by Salman Masalha

شارون أولدز - ذَكَرُ البابا

شارون أولدز || 

ذَكَرُ البابا


بمناسبة زيارة البابا بنيديكتوس السادس عشر إلى الأراضي المقدّسة، أقدّم لكم هذه الترجمة لقصيدة الشاعرة شارون أولدز (Sharon Olds) وهي بعنوان "ذَكَرُ البابا". إنّ هذه الشّاعرة الأميركيّة، المولودة في سان فرانسيسكو سنة 1942، ترى إلى البابا لحمًا ودمًا كسائر بني البشر. وعلى الرّغم من الهالة القدسيّة الّتي تحيط به في أذهان المؤمنين غير أنّه يظلّ بنظرها مع ذلك رجلاً كسائر الرّجال. ولهذا السّبب فما من شكّ في أنّه يعتريه في اللّيالي ما يعتري الرّجال، كما تشير الشّاعرة في قصيدتها. يُلاحظ أيضًا أنّ الشّاعرة تستعير في قصيدتها تشبيه السمكة، وفي ذلك إشارة إلى بعض الرّموز الّتي استُخدمت في القرون المسيحيّة الأولى.

ولمّا كنّا نسمع صباح مساء عن حظر بعض الكتب في العالم العربي وعن تكفير الكتّاب والشّعراء لأسباب سخيفة سُخْفَ هؤلاء المُكَفِّرين أنفسهم ومن هم على شاكلتهم، فقد خطر ببالي السؤال التالي: ماذا كان سيكون مصير شاعر، بل شاعرة عربيّة لو نشرت قصيدة كهذه فيما يتعلّق بالأئمّة والمشايخ؟ ناهيك عن أناس أعلى مرتبةً. أليس كذلك؟

القدس، 12 أيّار 2009
***

شارون أولدز

ذَكَرُ البابا


مُعلّقٌ عَميقًا في جَوْفِ عَباءاتِه،
مِضْرَابٌ ناعمٌ في مَرْكز جَرَس.
يَتحَرّكُ عندما يَمْشي، سَمَكةٌ روحانيّة* 
في هالةٍ من طُحْلُبٍ فضّيّ، 
الشَّعْرُ يَتَمايَلُ في الظّلمَة والحَرّ - وفي اللّيْل 
حِينَما تَنامُ عيناهُ، 
يَنْتَصبُ قائمًا
إجْلالاً للرَّبّ.


ترجمة: سلمان مصالحة

* روحانيّة: أي، من ذوات "الأرواح الّتي لا أجساد لها مثل الملائكة والجن وما أَشبهها"، كما يرد في لسان العرب تعريفًا للرّوحاني.

The Pope's Penis by Sharon Olds,
translated into Arabic by Salman Masalha.

***

Sharon Olds

The Pope's Penis

It hangs deep in his robes, a delicate
clapper at the center of a bell.
It moves when he moves, a ghostly fish in a
halo of silver seaweed, the hair
swaying in the dark and the heat -- and at night
while his eyes sleep, it stands up
in praise of God.

***

For Hebrew translation, press here.

ڤيسلاڤا شيمبورسكا: قصائد



ڤيسلاڤا شيمبورسكا

قصائد

ترجمة وتقديم: سلمان مصالحة


ولدت ڤيسلاڤا شيمبورسكا (Wislawa Szymborska) في العام 1923 في بلدة بنين الواقعة شرق پولندا. ومنذ العام 1931 تسكن في مدينة كراكوڤ، حيث درست هناك الأدب الپولندي والسّوسيولوجيا. في منتصف سنوات الأربعين نشرت محاولاتها الشّعريّة الأولى. وبعد أن وضعت الحرب العالميّة أوزارها استمرّت في نشر قصائدها في الجرائد والمجلاّت الپولنديّة. بالإضافة إلى ذلك، كتبت أعمدة صحفيّة في النّقد الأدبي، ومراجعات دوريّة للكتب الصّادرة. كما ترجمت قصائد كثيرة إلى اللّغة الپولنديّة وخاصّة من الشّعر الفرنسي. لقد نالت جوائز كثيرة منها جائزة وزارة الثّقافة الپولنديّة في العام 1963، جائزة چوتة في العام 1991، دكتوراة فخريّة من جامعة پوزنان في العام 1995، وجائزة نادي پن الپولندي في العام 1996. نشرت مجموعات شعريّة كثيرة وكتبًا ومقالات في النّقد الأدبي، وظهرت أشعارها في دوريّات وأنثولوجيات عديدة. كما تُرجمت أشعارها إلى كثير من اللّغات الأوروپيّة. لُغتها الشّعريّة غنيّة، ولا تقتصر على أسلوب واحد دون سواه. إنّ تعدّد أساليب الكتابة لديها يجعل مهمّة التّرجمة لأشعارها شائكة ومضنية. ولكن، لا مناص في نهاية المطاف من سلوك هذه الطّريق بغية تقديم بعض النّفحات للقارئ العربيّ الّذي يتشوّق إلى التّعرّف على آداب الأمم الأخرى.

القصيدة لدى شيمبورسكا هي تلك السّلسلة الّتي في يد "قرد برويچل". فحينما تُمتحن في التّاريخ الإنساني ويغلبها النّسيان تأتي تلك الرّنّة الخفيفة من السّلسلة لتذكّر بما كان، وبما هو كائن أو سيكون. فالشّعر لديها ليس مجرّد لعبة للتّسلية. إنّه قاموس تُشكّل مفرداته كراتٍ معدنيّة تضرب النّاقوس الّذي يقضّ مضجعها حينما تميل هي إلى النّسيان، وهذا المعدن هو المعدن الحقيقي والأصيل للشّعر، وفيه فقط ضمان النّجاح في هذا الاختبار. وفي هذا العصر وفي هذه الحقبة كلّ شيء له مغزى سياسي، وشيمبورسكا ذات النّفس الحسّاسة لما يجري، تضع أصابعها على تلك المداولات بين أطراف نزاع في كلّ مكان، الّذين يمضون الوقت للتّداول حول شكل الطّاولة، فكلّ ذلك هو سياسة، ولكن خلال هذه السّياسة، والسّؤال حول أيّ طالة "يجدر التّداول / بشأن الحياة والموت، مستديرة أم مربّعة." في هذه الأثناء يُقتَل النّاس وتنفق الحيوانات وتتهدّم البيوت وتُصبحُ الأرض خرابًا يبابًا، كما حال سابق العصور والدّهور.

أمّا عن الشّعر، فما هو هذا السّحر الّذي طالما تساءل النّاس عن جوهره؟ كثير من النّاس من يسأل عن سرّ هذا الفنّ الكلامي. وكثير من الشّعراء يسألون ويبحثون عن إجابة. لكلّ منهم رؤيا، ولكلّ منهم تصوّر أو إحساس بهذا الجانب أو بغيره من حُجيرات هذا الكنز المكنون. "بعض النّاس يحبّون الشّعر"، لكن ليس الجميع، "لكن يمكن أيضًا حبّ مرقة الدّجاج بالمعكرونة"، تستطرد شيمبورسكا. لكنّها لا تقنع بإجابات من هذا النّوع. فكثير من الإجابات الّتي أعطيت حتّى الآن هي إجابات واهية. ولذلك فهي تستمرّ في البحث عن إجابة أكثر دقّة، حتّى تخلص في النّهاية إلى الإجابة اللاّ-إجابة: "وأنا لا أعرفُ، لا أعرفُ وطالما تشبّثتُ بهذا / كما بدرابزين مُنقذ".

وهنا، وفي هذا الجواب الّذي يترك الباب مفتوحًا على مصاريعه، تبقى شيمبورسكا على طريق الرّحلة الطّويلة الّتي لا نهاية لها، تبقى متلبّسة بعدم المعرفة وهذا هو الدّليل على معرفتها لحقيقة الشّعر. هذه الحقيقة البسيطة الّتي تقتصر على البحث عن الإجابات لكلّ شيء. البحث عن الإجابات العميقة لماهيّة وجوهر الأشياء. ولأنّ إجابات من هذا النّوع مستحيلة الحصول، فإنّ عمليّة البحث ستبقى خالدة، وهي رحلة في طريق ليس منها رجعة. ولأنّ هذه الرّحلة هي رحلة فرديّة فإنّ شيمبورسكا تشعر بالأمان لدى شقيقتها الّتي "لا تكتب الأشعار". أحيانًا، وحينما يكون في العائلة أكثر من شاعر فهذا يؤدّي إلى "دوّامات في العلاقات العائليّة". ولهذا فإنّ الأمان الّذي تشعر به شيمبورسكا هو هذا التّوتّر الشّخصيّ الّذي لا يقربه أحد. هذه الفردانيّة المُرعبة، ولكن المُبدعة في آن معًا.


***


قردان لبرويچل

دائمًا أفكّر في امتحان التّوجيهي:
في النّافذة يجلسُ قردان مربوطَيْن بسلسلة.
عبر النّافذة تحومُ السّماء.
البحرُ يضربُ أمواجَه.

إنّي أُمتَحنُ في التّاريخ الإنساني:
أُتأتِئُ، وترتعدُ فرائصي.
قردٌ واحد، عيناهُ عليّ، يسترقُ السّمعَ ويسخر.
الثّاني يبدو يغلبُه نُعاس.
وحينَ يعمّ الصّمتُ بعدَ سؤال،
يُشيرُ لي ليذكّرني من خلال
رنّة خفيفة بالسّلسلة.

***

رسائل الميت

قرأنا رسائل الميت كما آلهة بلا أمل،
ومع كلّ ذلك آلهة، لأنّنا نعرفُ المواقيت الآتية.
نعرفُ أيّ دُيونٍ لم تُدفَع.
مع أي رجال هرولت النّساء للزّواج.
يا لهم من مساكين هؤلاء الموتى، موتى الرّؤى الضّيّقة،
مضحوك عليهم، غير معصومين، ويحسبون كلّ شيء.
إنّنا نرى الوجوه، حركات الأيادي وراء الظَّهْر.
آذانُنا تلتقطُ صوت تمزيق الوصايا الأخيرة.
يجلسون أمامنا مُضحكين كما لو كانوا على قطع خبزٍ مطليّة بالزّبدة.
أو مُسرعين للإمساك بالقبّعات المتطايرة فوق رؤوسهم.
ذوقهم السّيّء، ناپليون، بُخار وكهرباء،
أدوية فتّاكة لأمراضٍ قابلة للشّفاء.
سُخْف أشراط السّاعة حسب القدّيس يوهانس.
جنّة اللّه الخادِعة على الأرض، حسب جان جاك...
بهدوء نراقبُ بيادقهم على لوح الشّطرنج.
أنّهم فقط الآن تحرّكوا ثلاث خانات للأمام .
كلّ ما رأته عيونهم خرج مختلفًا تمامًا.
أكثرُهم حماسًا نظروا إلينا بثقة.
اكتشفوا أنّهم سيجدون هناكَ الكَمال.

***


أبناء هذا العصر

نحنُ أبناءُ هذا العَصْر،
إنّه عصرٌ سياسيّ.

كلّ ما يحملُ يومُك من أعباء
أو ليلُك، أعباؤك أعباؤنا، أعباؤكم
هي أعباءُ سياسة.

شِئتَ أمْ أبَيْتَ،
جيناتُك ماضيها سياسي،
لونُ الجلدِ سياسي،
للعَيْن وَجْهٌ سياسيّ.

بهذه الصّورة أو تلك،
لكلّ ما تقول أصداءٌ
لكلّ سَكَتاتِك مضمونٌ أو معنى
سياسي.

حتّى إذْ تخطو في الغابة،
تخطو أنتَ خطواتٍ سياسة
على أرضٍ سياسيّة.

حتّى الأشعار الغَيْر السّياسيّة هي أشعارٌ سياسة،
وفي الأعالي يزهو القمر بنوره،
منذُ زمن، لم يعُدْ قمري بَعْدُ.
أن تكون أو ألاّ تكون، هذا هو السّؤال.
أيّ سؤالٍ يا صديقي، أجب ببساطة.
سؤال سياسيّ.

لستَ مُلزمًا أن تكون من بني البشر
لكي تكون ذا مغزى سياسيّ.
يكفي أن تكون نفطًا خامًا،
هشيمًا مُركّزًا، مادّةً خامًا مُكرّرة.

أو حتّى طاولة جلساتٍ، على شكلها
ثار جدالٌ شهورًا طويلة:
حولَ أيّ طاولة يجدرُ التّداوُل
بشأن الحياة والموت، مُستديرة أمْ مُربّعة.

وفي هذه الأثناء، قُتل أناسٌ،
نفقتْ جوعًا حيوانات،
دُورٌ التهمتها ألسنة النّيران،
وحقولٌ أنبتت البُور،
مثلما في غابر العصور
غير السّياسيّة.

***


بعض النّاس يحبّون الشِّعْر

البعض -
أقصد ليس الجميع.
ليس الغالبيّة، ولا حتّى الأقليّة.
دون أخذ المدارس بالحسبان، فهم مُضطرّون هناك،
والشّعراء أنفسهم،
هؤلاء النّاس إثنان بالألف.

يحبّون -
لكن، يمكن أيضًا حبّ مرق الدّجاج بالمعكرونة،
يحبّون الإطراءات وأزرق السّماء،
يحبّون منديلاً قديمًا،
يحبّون الإصرار على إراداتهم،
يحبّون ملاطفةَ كَلْب.

الشِّعْر -
لكنْ، ما هو الشِّعْرُ في الحقيقة.
كَمْ مرّةٍ أُعطيتْ على هذا
إجابة واهية.
وأنا لا أعرفُ، لا أعرفُ وطالما تشبّثتُ بهذا
كما بدرابزين مُنقذ.

***


ڤيتنام

يا امرأة، ما اسمُك؟ لا أعرف.
أينَ وُلدتِ؟ لا أعرف.
لماذا تحفرينَ الأرض؟ لا أعرف.
كم من الوقت تختبئين هنا؟ لا أعرف.
لماذا تعضّين يدَ المحبّة؟ لا أعرف.
ألا تعرفين أنّنا لن نمسّك بسوء؟ لا أعرف.
مع أيّ طرفٍ أنتِ؟ لا أعرف.
ثَمّةَ حربٌ فعليكِ أن تختاري. لا أعرف.
هل ما زالت قريتك قائمة؟ لا أعرف.
هل هؤلاء هم أولادك؟ نعم.

***


في مديح ذمّ الذّات

ليسَ للدّأية ما تتّهم به نفسَها.
التّساؤلات غريبة في نظر الفَهْد الأسود.
سمكة الپيرانْها لا تُشكّك بمصداقيّة أعمالِها.
الأفعى يُمدح نفسَه دونما اعتراضات.

لا يوجد ابنُ آوى ذو نَقْدٍ ذاتيّ.
الجراد، التّمساح، الشْعريّة وذبابُ الخيل
كلّها تعيشُ حياتها راضيةً مرضيّة

قَلْبُ حوت الأورْكا يزنُ مائة كيلو
لكن من جهة أخرى، فهو خفيف.

لا يوجد شيء أكثر حيوانيّة
من ضمير نقيّ
على الكوكب الثّالث في المجموعة الشّمسيّة.

***


في الثّناء على شقيقتي

شقيقتي لا تكتُب الأشعار
ولا يبدو أنّها فجأة ستنظم القصائد.
سارت على خطى والدتها الّتي لم تكتب الأشعار.
وعلى خطى والدها الّذي هو الآخر لم يكتب الأشعار.
تحتَ سقف شقيقتي أشعر بالأمان:
لا شيء سيدفعُ زوج شقيقتي لكتابة الأشعار.
ومع أنّ الأمر يُذكّر بقصيدة لآدم مكدونسكي،
لا أحد من أقربائي مشغول بكتابة الأشعار.

على مكتب شقيقتي لا توجد أشعار قديمة.
ولا توجد جديدة في حقيبتها.
وحينما تدعوني شقيقتي للعشاء،
أعرفُ أنّّها ليست عازمة على قراءة الأشعار لي.
إنّها تعمل مرقة رائعة، ودونما أن تُحاول
ولن تندلق قهوتها على المخطوطات.

في كثير من العائلات لا أحد يكتب الأشعار.
ولكن، حين يفعلون عادةً ما يكونون أكثر من واحد.
أحيانًا يفيضُ الشّعر كشلاّلات الماء عبر الأجيال،
صانعةً دوّاماتٍ في العلاقات العائليّة.

شقيقتي تعتني بالنّثْر الدّارج والمُحترم.
كلّ نتاجها الأدبي يقتصر على البطاقات البريديّة.
يكرّرُ الشّيء ذاتَه كلّ عام:
أنّها حينما ستعود،
ستروي لنا كلّ شيء،
كلّ شيء،
كلّ شيء.

***

النّهاية والبداية

في نهاية كلّ حرب
أحدٌ ما يجبُ أن يُنظّف.
النّظام أيًّا ما كان
لن يحدثَ من ذاته تلقائيًّا.

أحدٌ ما يجبُ أن يدحرَ رُكامَ الخراب
إلى جوانب الطّرقات،
حتّى تعبرَ فيها
العرباتُ الملأى بالموتى.

أحدٌ ما يجبُ أن يتلطّخ
بالطّين وبالرّماد،
برفّاصات الأرائك،
شظايا الزّجاج
والخِرَق النّازفة.

أحدٌ ما يجبُ أن يجرّ لوحًا من خشب
ليدعمَ الحائط،
يُثبّت الزّجاج في النّافذة
يُركّبَ البابَ في محوره.

هذا لا يبدو جميلاً في الصّورة
ويحتاج سنين طويلة.
كلُّ الكاميرات قد نزحتْ من زمان
إلى حربٍ أخرى.

ثَمّ حاجة للجسور من جديد
ولمحطّات القطار.
ستتمزّقُ الأكمام
من كثرة التّشمير.

أحدٌ ما، يحملُ مكنسةً في يده،
يتذكّرُ كيف كان.
أحدٌ ما يتنصّتُ
ويهزّ رأسَه الّذي لم يُنْزَع من مكانه.
لكنّ البعضَ هناك
يبدأ هذا الشّأن
يُثيرُ المللَ لديهم.

بين الفينة والأخرى، يحفرُ أحدٌ
ما تحتَ شُجَيْرَة
حُججًا قد صَدِئَتْ
ينقُلُها لأكوام الوَرَثَة.

مَنْ كانَ منهم على عِلْمٍ
بما قد حدثَ هنا ولماذا،
يجبُ أن يُفرعُ مكانًا لِمَنْ
كانَ قليلاً ما يعلم.
وأقلّ من قليل،
وأخيرًا، لا شيء.

على الأعشاب الّتي غطّت
الأسباب والنّتائج،
أحدٌ ما يجبُ أن يستلقي
سُنبلةٌ بين أسنانه
ويتأمّل الغيوم.

***


عن الموت، دون مبالغة

هو لا يفهمُ في النّكات،
لا يفهم في النّجوم، في الجسور،
في النّسيج، في حفر المناجم، في فلاحة الأرض،
في بناء السّفُن، وخَبْز الكعك.

عندَ حديثنا عن برامج الغد
يدسّ كلمتَه الأخيرة الّتي
لا علاقة لها بالموضوع.

هو لا يعرفُ حتّى في الأمور،
المتعلّقة مباشرةً بمهنته:
حَفْر القبور،
نقش التّوابيت،
لا يعرفُ التّنظيف وراء نفسه.

غارقٌ في التّقتيل،
يفعل ذلك بكثير من عدم الدّراية،
دونما أسلوب أو خبرة،
وكأنّه يتمرّن، لأوّل مرّة، على كلّ واحد منّا.

الانتصارات هي انتصارات،
لكنْ كم من الهزائم،
والضّربات الّتي أخطأت الهدف
والمحاولات المتكرّرة.

أحيانًا تنقصه القوّة
لإسقاط ذُبابَة في الهواء.
مع غير قليل من الزّواحف
خسرَ المُباراة في الزّحْف.

جميع هذه البصيلات، الأكواز
السّداسيّات، الزّعانف، قصبات التّنفّس،
ريش المُداعبة، فِراء الشّتاء
تشهد على التّأخير
في عمله الجاري بلا مبالاة.

لا تكفي الغرائز المُبيّتة،
وحتّى المُساعدة الّتي نُقدّمها له في الحروب والثّورات
هي، للآن، ضئيلة جدًا.

قلوبٌ تنبض في البَيْض.
هياكل الأطفال تنمو وتكبر.
البُذور، بكدٍّ واجتهاد، تصلُ إلى وُريقتين أولَيين.
أحيانًا إلى شجرتين سامقتين على خطّ الأفق.

مَنْ يظنّ أنّ الموت قادرٌ على كلّ شيء،
فهو بنفسه برهانٌ حيّ،
على أنّه ليس بقادر.

لا يوجد ثَمّ حياةٌ،
ولو لِرمشة عين واحدة فقط،
ليست خالدةً.

الموتُ
دَوْمًا يتأخّر في الرّمشة عينٍ هذه.

سُدًى يهزّ ألأيادي
للأبواب اللاّ مرئيّة.
كلّ ما قامَ به أحدٌ ما
لن يقدر أن يُعيده للوراء.

***


كتابة سيرة حياة

ما المطلوب؟
المطلوب أن تكتب طلبًا
وأنْ تُرفق طيّه سيرة حياة.

ودون علاقة بطول الحياة
على السّيرة أن تكون قصيرة.

تلخيص الحقائق وفرزها أمر ضروري.
إستبدال المناظر بالعناوين
والذّكريات الواهية بتواريخ ثابتة.
من بين جميع قصص الحبّ يجب تسجيل الزّواج فحسب،
ومن الأولاد فقط الّذين قد وُلدوا.

مَنْ يعرفُكَ ذو شأنٍ أكبر ممّن تعرفُهُ.
والسّفرُ فقط إن كان لخارج البلاد.
الإنتماء لـ"ماذا"، لكن ليس لماذا.
شهادات التّقدير دون التّبريرات.

أُكتبْ كما لو أنّك لم تتحدّث مع نفسك أبدًا
وكأنّك التففتَ على نفسك من بعيد.

تجاهل الكلاب، والقطط والعصافير،
الهدايا القديمة، الأصدقاء والأحلام.

السِّعْر وليس القيمة
العنوان وليس المضمون.
رقم الحذاء وليسَ الغاية الّتي يذهبُ
إليها هذا المفروض أن يكون أنت.

مع ذلك يجب إرفاق صورة مع أذنٍ مكشوفة.
شكلها فقط يُؤخذ بالحسبان، ليس ما يُسمَع
ماذا يُسمَع؟
صرير الماكنات الّتي تطحن الورق.

***



نشرت في فصلية "مشارف"، عدد 13، 1997


Wislawa Szymborska, "Selected Poems", translated by Salman Masalha, Masharef 13, Haifa 1997

قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!