الإدريسي || البحر المظلم

مختارات تراثية

الإدريسي || 

البحر المظلم



”وفي البحر المظلم جزائر كثيرة غير عامرة. وبها من الجزائر العامرة جزيرتان، تسميان جزيرتي أمزنيوس المجوس.

والجزيرة الغربية منها يعمرها الرّجال فقط، وليس بها امرأة. والجزيرة الثانية فيها النساء ولا رجل معهنّ.

وهم في كل عام يقطعون مجازًا بينهم في زوارق لهم، وذلك في زمن الربيع. فيقصد كلّ رجل منهم امرأته فيواقعها. ويبقى معها أيامًا نحوًا من شهر. ثم يرتحل الرجال إلى جزيرتهم، فيقيمون بها إلى العام المقبل، إلى ذلك الوقت، فيقصدون الجزيرة التي فيها نساؤهم. فيفعلون معهن كما فعلوا في العام الماضي، من أنّ الرجل يواقعُ زوجته ويقيم عندها شهرًا كاملا. ثم يعود إلى الجزيرة التي كان بها. وكذلك يفعل جميعهم.

وهذه عادة معلومة عندهم وسيرة قائمة بينهم. والدخول إليهم أقربُ ما يكون من مدينة أنهو، وبينهم ثلاثة مجارٍ، وقد يُدخل إليهم من مدينة قلمار ومن مدينة رغولدة.

وهذه الجزائر لا يكاد يصيبها أحدٌ من الداخلين إليها، لكثرة غمام هذا البحر، وشدّة ظلمته، وعدم الضياء به.

*

نقلاً عن: الإدريسي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق
مشاركات



تعليقات فيسبوك:


تعليقات الموقع: يمكن إضافة تعليق هنا. لا رقابة على التعليقات مهما كانت مخالفة للرأي المطروح، بشرط واحد هو كون التعليقات وصيلة بالموضوع.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!