إلاّ "العروبة" أعيت من يداويها: سلمان مصالحة|| كاريكاتير لغة أمّ
ما شا اللّه! هنالك كثيرون يهتمّون بلغة الأمّ. لقد أنعمت عليهم إسرائيل بميزانية لمجامع لغة أمّهم، وذلك لكي ينشغلوا بقضايا تتعلّق بلغة أمّهم وأمّ أمّهم. هنالك كثيرون يعتقدون أنّ اللّغة هي مجرّد صفّ كلام، ليس إلاّ. بل وهنالك من يعتقد أنّه بمجرّد استخدام كلمات وتعابير فخمة فإنّه يوهم القارئ بعلمه الوفير.
أنظروا النموذج التالي على سبيل المثال لا الحصر: ”كما تتناول المحاضرة دورة ثنائية الخرائط في خلق الغربة بين الإنسان وحيزه“. ما شا اللّه! ليست أحادية أو ثلاثية، بل هي دورة ثنائية الخرائط. ليس هذا فحسب، بل ”تتناول المحاضرة دورة ثنائية الخرائط في خلق“، ليس فقط في خلق، بل ”في خلق الغربة بين الإنسان وحيزه“.
إذا كان هنالك عربيّ على وجه الأرض يفهم شيئًا من هذا الكلام، فلا شكّ أنّه سيكون من الفرقة الناجية.
وفي ذلك نقول:
لقد آن الأوان إلى فرض جمارك، ليس على الحكي فحسب، بل وعلى الكتابة والمحاضرات أيضًا.
بركة (رئيس الجبهة الديمقراطية) وزحالقة (رئيس التجمّع الوطني الديمقراطي) - ما شا اللّه، كلّهم ديمقراطيّون وكلّهم وطنيّون - ”يدعوان نتنياهو للتدخّل شخصيًّا في قضيّة العنف المتنامي في المجتمع العربي.“
ليس هذا فحسب، بل ويبرقان خدمة إعلامية لصحافتهما لإشعار القرّاء بأعمالهما الجليلة لصالح الجماهير العربيّة.
بين فينة وأخرى نجد أنّه ما من مناص من الإشارة إلى بعض الكاريكاتيرات التي تحملها لنا الأخبار عن سلوكيّات العربان. والكاريكاتير هذه المرّة يأتينا من تلك الناحية التي تُعرف بالخليج.
وهذا الخليج كما هو معروف منطقة غنيّة بالنّفط والغاز، وبالإضافة إلى ذلك فهو يعجّ بالأمراء، بالشيوخ وأصحاب السموّ من كلّ ما هبّ ودبّ، ومن كلّ من شبّ وحاز وفاز. كما إنّه تكثر فيه الأحاجي والألغاز. أحاجي الوسواس وألغاز الخنّاس. والأحجية هذه المرّة لها علاقة بصاحب سموّ فريد. لها علاقة بشيخ ليس كسائر الشيوخ. إنّه صاحب السموّ الشيخ حمد آل نهيان من سلالة أصيلة من ملّة العربان. ولمّا كان الشيخ حمد لا يعرف كيف يصرف كلّ تلك الأموال التي تأتيه من نفط أو من غاز، فقد عقد العزم أن يكتب اسمه في الصحراء ليخلّد ذكرًا له.
ولكي لا يشكّ أحد في هذا التخليد، فقد آلى على نفسه أن يحفر الاسم في الجزيرة بحروف كبيرة تمتدّ مئات الأمتار لدرجة أنّه يمكن رؤية اسمه الحميد من الفضاء. وهكذا كان.
لا ندري كم من الوقت والمال استثمر سموّه في هذا المشروع الذي يُعلي من شأنه ومن شأن أبناء جلدته من العربان. ولعلّه سيسجّل هذا فتحًا علميًّا عربيًّا فريدًا في كتاب چنيس، مثلما عوّدنا العربان في هذا الأوان. فمرّة يسجّلون أكبر صحن حمّص، ومرّة يسجّلون أكبر صحن كنافة. مرّة يسجّلون أكبر تبّولة ومرّة أكبر فقّوسة. وها هم ما شاء الله يسجّلون أكبر اسم محفور في الصحراء.
غير أنّ ثمّة أمرًا لا مناص من الإشارة إليه في هذا الكاريكاتير العرباني الجديد. لاحظوا مدى الاعتزاز بالانتماء لدى هؤلاء العربان. لو تغاضينا بعض الشيء عن المدى الأكبر من السخف الكامن في هذا المشروع أصلاً، فإنّنا أمام ظاهرة فريدة بلا أدنى شكّ. إذ يظهر على الملأ ومن الفضاء مدى عقدة النّقص لدى هذا النوع من العربان. فحتّى الاسم، اسمه لم يكتبه بحروف لغته، لغة العربان. بل بحروف لغة الإفرنج والرومان. وعلى ما يبدو، فهذه هي الحال مع هذه الملّة. فلا يُملّ من تقليعاتها الغريبة العجيبة، ولا من عقليّاتها الرتيبة. كذا كان وكذا يكون إلى يوم يبعثون.
والعقل ولي التوفيق! * نشرت أيضًا في: "شفاف الشرق الأوسط" ____________________
في الصورة أعضاء الكنيست محمد بركة (الجبهة الديمقراطية)، أحمد طيبي (القائمة العربية)، حنين زعبي (التجمع الوطني) ضمن وفد أحزاب وزعامات عرب 48 إلى مضارب قبيلة القذّافي في "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى" *** Read more about the issue English, press here Hebrew, press here ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد ورد وشاع في المأثور العربي "كما تكونون يُولّى عليكم"، بروايات مختلفة. ولمّا كان الأوان قد آن لوضع ذي البصر والبصيرة في صورة أحوال العرب في هذا الزّمان، فها هي نبذة كاريكاتيرية جديدة من اللافتات التي عُلّقت في انتخابات المحروسة "أم الدنيا".
إنّها خير شاهد على عُمق الهبل العربي. وما من شكّ في أنّ هذه اللافتات وأشباهها تتكرّر هنا وهناك في بلاد السودان والبيضان ممّن ينتمون لأمّة العربان. لذا، فها أنذا أضعها أمامكم لعلّكم تتفكّرون. ـــــــــــــــــــــــــــ
yese we cane المرشح عصام الصوفي (أوباميا) *** قضاء الحاجة ثمرة التفاح علامة النجاح حديث نبوي منسوب لله (لا قاري ولا كاتب ولا بيعرف على الساعة!) *** دكتورة هالة جميلة جدا الدكتورة. هل هي ملكة جمال (مبارك) مصر؟ *** شعر عربي حديث مع قافية "بلا قافية" *** الجحش لمجلس الشعب كما تكونون يولى عليكم الكُرّ الأصيل رفض دخول المجلس *** الحاج كينج كونج مش خرونج *** ولا يزر وزير وزر آخر كلام الوزير مثل عدّ الليرات ***
إلى هنا هذه النبذة الكاريكاتيرية بالكلام والصورة.
ــــــــــــــــــ وخير ما نختتم به هذا البثّ صورة لصاحب هذا البيت العامر. فقد كان العبد الحقير الفقير إلى رحمة عقله قد تقمّص صورة فرعونية في معبد الأقصر في بداية الثمانينات من القرن المنصرم. ولذا فهو ليس بحاجة إلى قضاء حاجة، ولا إلى فرّوج، ولا إلى كماجة أو دجاجة.
إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
هل الكلام عن الوطن، مديحًا كانَ أو هجاءً، هو "مهنة مثل باقي المهن"، كما صرّح محمود درويش في "حالة حصار"؟ وماذا يعني مصطلح الوطن هذا الّذي تكثر الإشارة إليه في الكتابات الفلسطينيّة؟